كشف مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي، قبل يومين، عن فحوى المناقشات التي جرت خلال اجتماعهم الأخير منتصف ديسمبر، والتي أظهرت مدى الحذر، ورفعاً للحرج عن الفيدرالي، فقد تم رمى الكرة في ملعب البيانات الاقتصادية، لأن جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي ورفاقه، يدركون صراحة أن تحريك أسعار الفائدة أمر حساس للغاية في عام الانتخابات الرئاسية، حيث يبقى الملف الاقتصادي دوماً في صدر اهتمامات الناخبين الأميركيين، وبالرغم من أن كبار مسؤولي الفيدرالي توقعوا بعض التخفيف في عام 2024، إلا أن محضر الاجتماع يشير إلى ضرورة التحرك بحذر، ولهذا، نستبعد خفض قريب لأسعار الفائدة بناءً على هذه التحركات الحذرة، ووفقاً للمحضر، فإن غالبية المسؤولين يطالبون بإبقاء سعر الفائدة القياسي ثابتاً لفترة أطول مما يتوقعه البعض، فيما يدعو آخرون إلى إجراء بعض التيسير، ولا شك، أن فلسفة الحذر المهيمنة لدى مسؤولي الفيدرالي تستند على تفشي حالة عدم اليقين في الأسواق، وتفادي المخاطر السلبية على الاقتصاد.
لو عدنا بالذاكرة إلى ما قبل إصدار المحضر، فسنجد أن المتداولين كانوا متمسكين بتوقعات تصل إلى سبعة تخفيضات في أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة هذا العام، أي أكثر من ضعف ما يتحدث به صانعو السياسة النقدية أنفسهم، وأحد الأسباب التي جعلت السوق تتوقع هذا الكم من التخفيضات هو تلك التعديلات التي أجراها الفيدرالي على بيان سياسته النقدية في ديسمبر، والتي أكدت أن المسؤولين يدرسون مدى الحاجة إلى المزيد من رفع أسعار الفائدة، وهو أمر يشير إلى أن رفع الفائدة معلق، وبينما ذكر جيروم باول، أن الاجتماع ناقش ملف التيسير النقدي، فإن المحضر أشار بصراحة إلى أن مسؤولي الفيدرالي تحدثوا عن «اعتبارات إدارة المخاطر» التي ستكون مناسبة إذا كانت هناك مقايضة خلال الأشهر المقبلة بين انخفاض التضخم، وسوق العمل القوي.
عقب اجتماع ديسمبر، شعرت الأسواق بقدرتها على تصعيد توقعاتها لخفض الفائدة بشكل أكبر، من خمسة تخفيضات تبدأ منتصف العام، إلى سبعة تخفيضات تبدأ في مارس، وبشكل عام، فإن أي تغييرات في أسعار الفائدة خلال عام 2024، سيعتمد على البيانات الاقتصادية، إلا أن التركيز خلال هذا العام سيتحول من مخاطر الركود والتضخم التي ميزت عام 2023، إلى تطبيع النمو وترويض السياسة النقدية والعلاقات بين الأصول، والواقع، أن غالبية المستثمرين في «وول ستريت» يتوقعون عاماً مزدهراً على صعيد أرباح الشركات بعد عام باهت مروا به، ويتوقعون تحديداً أن تسجل 5 من 11 قطاعاً نمواً في الأرباح بنسبة 10% على الأقل، وعلى الصعيد الكلي، فإن الاقتصاد الأميركي سيكون لديه الفرصة كاملة للهبوط الناعم، والتحول مرة أخرى نحو الوضع الطبيعي، ما لم تقفز معدلات التضخم مرة أخرى.
يبدو الآن بوضوح، أن الهبوط الناعم، أصبح السيناريو الراجح، حيث يستمر التضخم في الانخفاض ويستمر الاقتصاد في النمو، وهذا أمر يمكن تصوره داخل الولايات المتحدة، ولكنه، مع ذلك، ليس أمراً حتمياً، لأن توقيت ووتيرة أي تغييرات في أسعار الفائدة سيعتمد بالأساس على البيانات الاقتصادية، ولهذا، فإن التنبؤ صعب، والظروف تتطور باستمرار، وعلينا أن نتذكر أن هناك بالفعل مخاطر قد تهدد الهبوط الناعم، وهذه تشمل على سبيل المثال، التباطؤ المفاجئ في الاقتصاد، واستمرار الاضطرابات الجيوسياسية، وبقاء معدلات التضخم مرتفعة في قطاعي الخدمات والمساكن، والواقع، أن الاحتياطي الفيدرالي لديه مجموعة واسعة جداً من التقديرات لعدد التخفيضات التي قد تحدث، بداية من عدم التخفيضات، وحتى سبعة تخفيضات، خاصة وأن كبار مسؤولي الفيدرالي التسعة عشر يتوقعون استقرار معدلات التضخم دون ارتفاعات إضافية طوال العام الجاري.




http://www.alriyadh.com/2052251]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]