كان خروج المنتخب السعودي أمام المنتخب الكوري الجنوبي في دور الـ16 مفاجأة قياسًا على وضع المنتخبين حاليًا والمرحلة التي يعيشها الأخضر وفارق الجودة بين أفراده مقارنة بأفراد المنتخب الكوري الذي يلعب معظم عناصره في الدوريات الأوروبية الكبرى؟! وهل نملك حاليًا العدد الكافي من النجوم الذين يمكن معهم القول بأنَّ تحقيق كأس آسيا كان هدفًا سهلًا ضيعه مانشيني بقراراته وتغييراته؟! وهل كل هذا الغضب الذي يبديه البعض تجاه مانشيني إلى درجة المطالبة بإقالته ينطلق من معطيات فنية بحتة؟!.
ربما يتحمل مانشيني جزءًا من مسؤولية الخسارة أمام كوريا بتغييراته التي سلمت المباراة لسون هيونغ ورفاقه في الربع الأخير من المباراة، ولا شك أن تصرفه بعد ضياع ركلة الترجيح الثانية من قبل عبدالرحمن غريب ومغادرته أرض الملعب قبل أن تنتهي الأمور رسميًا كان تصرفًا غير مسؤول وخطأ فادحًا اعترف به المدرب الإيطالي بشجاعة واعتذر عنه أمام الملأ؛ لكن هل هذا يكفي لتبرير هذه الحملة الإعلامية التي تشن على مانشيني قبل وأثناء وبعد البطولة؟! وهل يكفي خطأ فني أو انفعال وقتي أو خسارة مباراة أو خروج من بطولة لتبرير إقالة مانشيني الذي تم التعاقد معه قبل أشهر قليلة بعقد يمتد إلى 2027؟!.
أتفهم وجود غاضبين من مانشيني بدوافع فنية، وأتفهم وجود غاضبين من مانشيني بسبب مغادرته أثناء ركلات الترجيح، وأعترف أنني أشارك هؤلاء وهؤلاء الغضب؛ لكن الحقيقة التي أراها أمامي مجردة هي أنَّ هناك طابور إعلامي قد وضع الإطاحة بهذا الإيطالي هدفًا له منذ مؤتمره الذي سبق مباراة عمان، ولأسبابٍ لا علاقة لها بمصلحة المنتخب، وسخَّر لهذا الهدف كل منابره المتاحة، وسيكون من المؤسف حقًا أن تضع مشروعًا مدته 4 سنوات وتختار له مدربًا بكفاءة وقيمة روبرتو مانشيني ثم تهدمه في أول 4 أشهر بسبب حملة إعلامية يقودها مشجعون يلبسون ثياب المهنية الزائفة التي سرعان ما تتكشف حين يتعلق الأمر بمصالحهم أو ميولهم وتوجهاتهم وتوجيهاتهم.
الحقيقة أنَّ هذه الحملة التي تشن ضد مانشيني هي محاولة يائسة لتبرئة اللاعبين الذين يخضعون حاليًا للتحقيق من قبل الاتحاد السعودي لكرة القدم، اعتقادًا من أصحاب الحملة أنَّ الإطاحة بمانشيني ستغلق هذا الملف وتمنح اللاعبين صك البراءة، أمَّا المنتخب فهو ليس ضمن أولوياتهم، ولو كان كذلك لما شاهدنا هذا القبح الإعلامي الذي مارسوه مع المنتخب ومدربه أثناء المشاركة الآسيوية.
مانشيني وقع ببعض الأخطاء داخل الملعب و خارجه، واتخذ بعض القرارات التي لم تكن موفقة قبل البطولة وأثناءها، وقبل المباريات وأثناءها، وربما لم يكن موفقًا ببعض أفعاله وأقواله؛ لكنَّه لا يتحمل مسؤولية الأزمة التي تعيشها الكرة السعودية منذ زمن على صعيد جودة بعض المراكز كالظهير الأيسر والمهاجم الهداف، وهو إن وقع ببعض الأخطاء فهو حديث عهد بالمنتخب، والأخطاء واردة ومتوقعة، ومنحه المزيد من الوقت والثقة كفيلٌ بإصلاح الكثير من الأخطاء، بعد أن يتعرف أكثر على قدرات كل اللاعبين، ويسعفه الحظ في إيجاد حلول حقيقية لتقوية مناطق الضعف في منظومة الأخضر عبر خروج مواهب جديدة وحقيقية تعيد الأخضر إلى المنطقة التي يمكن فيها اعتبار الخروج من الأدوار الإقصائية في كأس آسيا مفاجأة تستحق كل هذا الغضب.




http://www.alriyadh.com/2057555]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]