لا ينتهي حوار لم يبدأ بحق وصحة.. ولا يبدأ حوار لن ينتهي بحق وصحيح.. فالآراء متداولة والحجج متناولة.. فلا خير في جدال بلا مرجعية حقة واضحة.. ولا خير في نقاش على باطل.. والراشد من ترك الجدال والمراء ولو كان محقاً..
بعض الرنين قد يسمعه صاحب الصمم حين يلبس رداء الوعي وقلبه يقظ.. أحياناً لا نسمع ما يستحق سماعه فيتعلق الجهل في آذاننا، وتغشانا العتمة فلا ندري أين نتجه نلمح شذرات هنا وهناك يوصلنا إليها رنين ما:
بعضهم يهزم ذاته قبل أن يدخل أي معركة فهو طويل الجهل بقناعة خيبة، وهو قصير الفقه بشناعة عيبه.. بعضهم قصير الوعي.. يقول: أنا المتأمل وفي حقيقته هو المتألم.. ويردد: أنا الثري وفي ماهيته هو الثرثار.. بعضهم مهتز في رأيه متقلب في خياراته.. ومقلوب على رأسه.. لا يفرّق بين الرأس والقدم.. ولا بين الضاد والظاء. بعضهم مقيّد بقناعته الغريبة والمفككة.. تنصحه بأنك لست مضطراً أن تذم من تكره لكي تمدح من تحب.. ولست مجبوراً أن تجلد مجتمعك لأنك منبهر بمجتمع آخر.. ولست محتاجاً أن تنتقص ممن حولك هنا لكي ترفع قيمة من هناك.
أنت مرهون بما تكسب.. فبإمكانك ألا تتبع الحق لكن لا تصفه بأنه باطل.. وبإمكانك أن تتجاهل الصحيح لكن لا تنعته بأنه خطأ.. وبإمكانك أن تكذب لكن لا تقل إنه صدق.
هكذا نحن حين نضع بعضنا على بعض الشر، ويضع الشر بعضه علينا.. متناقضون حتى النهاية.. هكذا نحن نسوق أنفسنا نحو الشتات.. فالرؤى ضيقة.. والاعتباط متلبس.
"قبل أن نطلب من أنفسنا أن نسامح دعونا نتساءل.. هل نملك الخيار نحن بني البشر في أن لا نخطئ؟ أبداً.. إنها جبلة ربانية.. ليس عدم الخطأ هو الغاية من وجودنا.. لأن قابلية الخطأ ركبت فينا.. لماذا كل هذه التبريرات التي تقدمها للآخرين لتثبت لهم حُسن نيتك.. وسلامة موقفك.. ولماذا تظل تقسم وتقسم وتقسم ليصدقوك".
كل كتب ودورات النصائح والوصايا والتحفيز والتطوير قد ترتب أفكارك.. لكنها لن ترتب أقدارك.
بعضنا يجعل همومه كلصوص تزوره بالليل لتسرق منامه.. وتكدر أحلامه.
ببصرنا قد نرى الأشياء قريبة.. ولكن ببصيرتنا سنراها جلية.
كم هو مزعج أن نفكر في كيف خسرنا أمراً ما ولا نفكر في كيف نستعيده بفرصة أخرى.. لذلك نجد الوقت يتفتت بين أيدينا فلا نصل إلى نتيجة.
من السوء أن نرتدي وجهاً ليس لنا.. ونخلع قلباً لنا.. لأجل أن نشابه غيرنا.
قد يفقد الصادق الكثير بصدقه إلا أنه لن يفقد كيانه.. ولا عقله.. وبإمكان الكاذب أن يكسب أشياء كثيرة إلا أنه سيخسر نفسه، فذاته ملتهبة بالكذب الذي يجده بضاعته ورأس ماله.
هناك من يتبع الطريق فقط.. ولا يتبع طريقه، فيقوده الطريق إلى ما لا يرغبه.. فهو يمشي سارباً بلا وجهة.. يضع نفسه أينما وضعه الطريق.. ويقف حيث انتهى به الطريق.
لا ينتهي حوار لم يبدأ بحق وصحة.. ولا يبدأ حوار لن ينتهي بحق وصحيح.. فالآراء متداولة والحجج متناولة.. فلا خير في جدال بلا مرجعية حقة واضحة.. ولا خير في نقاش على باطل.. والراشد من ترك الجدال والمراء ولو كان محقاً.
في الناس من يدع غيره يتحدث عنه.. وينيب نفسه ليتحدث عن غيره.. والرشد هنا لا تتحدث عن أحد.. ولا تترك أحداً يتحدث عنك.. ومنهم من يعجب برأي غيره ليكون موجهاً له ومتأثراً به فتعجبه التبعية دوماً.. ويصبح مرجعيته في كل قضية أن يسمع رأي ذاك الذي أعجبه..
يتحدث بعضهم أنه جاد في كلامه، وطرحه، ووعوده.. ويتجاهل، المهم بأن يكون صادقاً فيما يقول لا جاداً.. فالجدية لا تعني الصدق أبداً لأن مطبات الخذلان واردة بكثرة.. لكن من يصدق يكون جاداً.. وليس من يكون جاداً صادق.
مدح الذات بإفراط هو صورة أخرى لجلد الذات.. فالزيادة كالنقصان.. ووجها العملة حتى وإن تناقضا فهما على عملة واحدة.. وتزكية النفس بجهل في كل صغيرة وكبيرة تغمط الخلق القويم.
البعض يحلم ولا يزال بأن يكون شخصاً طيفيّ الأثر.. فرغبته أن يمر مثل الطيفْ الجميل في حياة الآخرينْ.. والبعض يتمنى أن يكون محوراً صاخباً في حياة الآخر فيكون مؤثراً بعمق للحد الذي يغيّر أولوياته.




http://www.alriyadh.com/2059778]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]