هنالك عبارات جميلة تقول: "إذا أمضيت عمرك تطارد الفراشات فستهرب بعيداً، ولكن لو زرعت حديقة جميلة فستتجمع الفراشات عندك. عندما تركز على تطوير نفسك فكل شيء سيأتي إليك، نحن نجذب الأشياء بناء على من نكون وليس بناء على ما نتمناه".
في الجزيرة العربية يوجد مثل شهير يقول: "من لا يعرف الصقر يشويه!". يتكلم هذا المثل عن الأشخاص الذين لا يستطيعون رؤية القيمة الحقيقية للأشخاص والأشياء التي حولهم فيُسيؤون استخدامها بشكل خاطئ وطريقة غير مجدية. ففي العالم العربي واليابان ومناطق أخرى من العالم تشتهر هواية الصيد بالصقور. وظل الناس يعتمدون على الصقور لقرون طويلة لتصطاد لهم الفرائس ويطعمون منها أهلهم وجيرانهم مما جعل قيمة الصقور ترتفع وتكون لها أهميتها المالية والاجتماعية لدرجة وصلت أن يقوم زعماء الدول الكبرى بإهداء الصقور لبعضهم في الزيارات الرسمية.
ولكن، تخيل شخصاً لا يعرف هذه القيمة العالية والأهمية الكبيرة للصقر. ففي حال شعر هذا الشخص بالجوع سيتعامل مع الصقر كدجاجة أو طير داجن ويقوم بشوائه ليأكله من دون أن يدرك فداحة الفعل الذي يقوم به. والأدهى والأمر هو حينما يبدأ في مقارنة طعم الصقر الرديء مقارنة بالدجاج أو صعوبة طبخه وعدم سهولة تقطيعه.
في الواقع، نعيش في بيئات الأعمال يومياً حالات كثيرة لمديرين ومسؤولين جعلوا مهمتهم في الحياة هي تعذيب الصقور! بكلمة أخرى إشعال الحروب على المميزين والناجحين بهدف القضاء عليهم وإسقاطهم بمختلف الوسائل المشروعة وغير المشروعة. وكما أن شواء الصقر في البرية يعد سلوكاً ينم عن جهل وضعف إدراك، فتعذيب الصقور في بيئات العمل إهدار كبير في استثمارات الشركات والمنظمات وخسارة من الصعب جداً تعويضها.
وبلا شك فالحديث عن بيئات العمل ذو شجون، ومع الجهود المختلفة التي صارت تبذلها الجهات المختلفة لتحسين بيئة العمل من توفير الخدمات وإقامة الفعاليات والتوزيعات والمناسبات، ولكن تظل جميع هذه الأمور بلا قيمة حقيقية إذا لم يوجد القائد أو القادة الحقيقيون الداعمون والمحفزون. فكما يقال دوماً إن الكفاءات لا تستقيل وتبتعد عن أماكن العمل بل تبتعد عن المديرين السيئين والسامين.
وباختصار، استقطاب الكفاءات تحدٍ كبير أمام أي منظمة تسعى للنجاح، والحفاظ على الكفاءات تحدٍ أكبر. وكما أن توفير المكاتب والمعدات والمرافق يعد أمراً حيوياً وضرورياً، فالاستثمار في ثقافة المنظومة وبيئة العمل الصحية يجب أن يكونا من أهم الأولويات لدى أي إدارة ناجحة. والأهم طبعاً هو الحرص على اختيار وتمكين القادة الأكفاء الذين يزرعون الولاء ويفرضون احترامهم على من حولهم برقي تعاملهم وقوة إنجازاتهم. وفي الوقت نفسه فلا بد من التخلص من المديرين السامّين مهما كانت قدراتهم وإمكاناتهم وخبراتهم، فهم الذين يدمرون المنظومات ويتسببون في هجرة الكفاءات كالنار التي تخيف الفراشات وتحرق الحدائق في لحظة عين!




http://www.alriyadh.com/2059779]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]