تجربة فريدة شاهدتها عن قرب في مكان يُطلق عليه "ديوانية الغالين"، هذا المكان الرائع يستقبل المتقاعدين وكبار السن من الرجال، حيث يقضون وقتاً مليئاً بالفعاليات والأنشطة، وما أدهشني حقيقة الإجابة على سؤالي للمسؤولين عن المكان، هل تفتح الديوانيات ليلاً؟ كانت الإجابة بالنفي، والتعليل الظريف لذلك، أن رواد الديوانيات يقضون تقريباً كل النهار، حيث ألفوا المكان وأتلفوا به، ويودون قضاء أكبر وقت ممكن داخلها؛ لذا كان الاكتفاء بالنهار، وترك الليل للمنازل، أما الجانب الأفضل على الإطلاق، لقد علمت أنه تم اختيار الديوانيات وأماكنها داخل الحدائق والمتنزهات في الأحياء السكنية، وسط أجواء تراثية واستقبال حافل من المشرفين والقائمين على المشروع الفريد الذي أشرفت عليه ونفذته أمانة الرياض بحرفية عالية، وحب حقيقي لرواد تلك الأماكن.
أرى أن هذا المشروع الرائد يستحق أن يكون موجوداً في جميع الأحياء في العاصمة الرياض، رغم علمي بتكلفته العالية، سواء في الإنشاء، أو التجهيز، والعمالة والموظفين، أو الخدمات المتنوعة؛ لذا يجب أن يشارك القطاع الخاص، من خلال أنشطتهم الاجتماعية التي يحرص الكثيرون –من رجال الأعمال– عليها، فيجب أن تكون لهم مشاركة "مجتمعية" في مثل تلك الأنشطة، حتى من خلال فعاليات يُتفق عليها مع أمانة الرياض، لإثراء التجربة ونجاحها، واجتذاب الكثيرين، الذين يستحقون مثل تلك الأماكن النوعية في خدماتها، وموقعها الجغرافي، وحالة الألفة بين الجميع، والصداقات التي تتوطد بين رواد الديوانيات، بل أخبرني البعض أن هذه الأماكن كانت سبباً في علاقات نسب وتزاور، والمشاركة في أنشطة تجارية، إنها فكرة جديرة بالتقدير والاحترام وتقديم الشكر لمن فكر فيها، وأوجدها على أرض الواقع، لأن الرسالة عظيمة بالفعل.
ولأنها تجربة فريدة، آمل أن تكتمل، ويكون للنساء نصيب منها، فلماذا لا يتكون هناك ديوانيات الغالين للنساء، فأنتم قادرون على إنجاح تلك التجربة أيضاً، كما نجحت مع الرجال، نعم ستكون هناك آليات تناسب خصوصية النساء، تجهيزاً وترتيبا وتنظيماً وأنشطة، مع أن الخدمات والفعاليات أراها متشابهة ولن تختلف بين الرجال والنساء، سوى في الخصوصية، آمل أن يتم التفكير في هذا الأمر، فالمرأة تستحق، وربما أكثر من الرجال، خاصة مع علمي أن الاشتراك في الديوانيات مجاناً.
لقد كانت تجربتي ثرية في الديوانية التي زرتها، ولكن كما أسلفت، الرياض مترامية الأطراف وتستحق أن تعمم التجربة بعد أن أثبتت نجاحها، وأثرها الإيجابي، فهذه المبادرة الرائعة التي تحولت إلى واقع أصبحت متنفساً للاجتماع وتبادل الخبرات والشعر والرواية، والاستفادة من محتويات الديوانية بشكل يومي أو في المناسبات واستخدام الأجهزة الرياضية المخصصة للكبار، الذين لمست رضاهم عن التجربة والخدمات والفعاليات التي تقام باستمرار، وتنوعها، وأدعو إلى التوسع فيها، واستثمار الحس الوطني لدى رواد الأعمال وشركات القطاع الخاص، وإن أدى الأمر أن يرعى رجال أعمال وشركات ديوانيات، والاستفادة تسويقياً وإعلانياً، فهذا شيء إيجابي أن تعم الفائدة، وتتسع دائرة المشاركة، وأن تتواجد المرأة في قلب الحدث الديواني المتفرد.. شكراً أمانة الرياض.




http://www.alriyadh.com/2061150]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]