متلازمة المحتال أو ظاهرة المحتال Impostor syndrome هي نمط نفسي يشك فيه المرء بإنجازاته ولديه خوف داخلي دائم من أن يعتبره الآخرون (محتالًا) على الرغم من وجود أدلة خارجية على كفاءتهم، يبقى الأفراد الذين يعانون من هذه الظاهرة مقتنعين أنهم محتالون، وأنهم لا يستحقون كل ما حققوه، ويعزون نجاحهم إلى الحظ، أو أنه نتيجة تضليل الآخرين نحو الاعتقاد بأنهم أكثر ذكاءً مما يعتبرون أنفسهم عليه، وهذا ما عبّر عنه عالم الفيزياء الألماني ألبرت أينشتاين: (أنا لا أعرف شيئاً، أنا فقط أعرف كيف أتظاهر بأنني أعرف، أنا فقط أعرف كيف أتصرف وكأنني أعرف، أنا فقط أعرف كيف أخدع الناس بأنني أعرف).
ظهر المصطلح عام 1978م في حين ركزت الأبحاث على شيوع المتلازمة بين النساء ذوات الإنجازات الكبيرة، ولكنها تؤثر على الرجال والنساء على حد سواء، وحتى لو أقر الآخرون كفاءة المصاب ومدحوا إنجازاته، فإنه يعزيها إلى الوقت والحظ الجيدين وليس بفضل مهارته، مما يدفع الشخص للعمل أكثر وبشكل مفرط كي لا يرى الناس أي خطأ له، ولكي يستحق بنظره المكان الذي هو فيه، ويتخلص من شعور الذنب.
يوجد خمسة أنواع من المصابين بمتلازمة المحتال؛ الأول هو الشخص (الساعي للكمال) الذي يركز بشكل أساسي على طريقة إنجاز المهام والأعمال في العمل والحياة اليومية بشكل كبير لجعلها كاملة على جميع المقاييس، ولأن الكمال أمر صعب الوصول في كثير من النواحي، فغالباً ما تجده ينتقد نفسه عند ارتكابه أصغر الأخطاء. الثاني هو الشخص (العبقري) وهو الذي دائماً ما يتعلم مهارات جديدة ويعتقد أنه يجب أن يفهم ويتقن جميع المهارات بسرعة دون أي تعب، ويعتقد أن جميع الأشخاص وخصوصاً منافسيه يمكنهم التعامل مع أي شيء بسهولة، مما يجعله يشعر بالذنب إن واجه بنفسه أي صعوبة تذكر ويعتقد بأنه مخادع لا يستحق المكان الذي هو فيه.
النوع الثالث هو الشخص (المنفرد) أو من يسمى بالعازف المنفرد؛ هو الذي يعتقد أنه يجب أن ينجز كل شيء وحده، وإن لم يستطع النجاح عندها يصف نفسه بالفاشل وبأنه لا يستحق الإنجازات والنجاحات. الشخص الرابع (الخبير) وهو من يسعى دائماً لمعرفة التفاصيل، ويقضي وقتاً كبيراً في السعي للحصول على كافة المعلومات والإجابات ويتشتت عن التركيز على المهمة الأساسية. والأخير هو الشخص (البطل الخارق) وهو الذي يربط كفاءته بقدرته على النجاح في كل أدوار حياته، وإن فشل في تحقيق جميع متطلبات أي دور منها يعتبر نفسه فاشلاً وغير كفؤ.
هناك العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى ظهور هذه المتلازمة؛ مثل الضغوط النفسية أو الاجتماعية أو الثقافية، أو توقعات الذات أو الآخرين المرتفعة، أو مقارنة النفس بالآخرين، أو عدم الثقة بالنفس أو الرضا عن الذات، وتؤثر سلباً على حياة الشخص المهنية والشخصية، وتقلل من إنتاجيته وإبداعه وتحفيزه، وتزيد من قلقه واكتئابه وإحباطه، لذلك من المهم التعرف على هذه المتلازمة ومعالجتها بطرق فعالة.
هناك بعض الطرق التي يمكن أن تساعد في العلاج؛ أولها الاعتراف بالمشكلة والبحث عن المساعدة النفسية أو الاجتماعية، سواء من خلال الاستشارة المهنية أو الحوار مع الأصدقاء أو الزملاء أو الأسرة، والعمل على تغيير النظرة إلى النفس والعمل والنجاح، وعدم مقارنة النفس بالآخرين أو تحديد توقعات غير واقعية أو مرتفعة، والاعتزاز بالإنجازات الشخصية والمهنية، وتقبل الإشادة والانتقاد بشكل إيجابي، وعدم السماح للرأي السلبي أو الخطأ البسيط بتقويض الثقة بالنفس أو الرضا عن الذات، وتحديد الأهداف الواقعية والقابلة للقياس، والتخطيط لها بشكل منهجي ومنظم، والاحتفال بتحقيقها أو الاستفادة من التجارب السابقة، وتطوير المهارات والمعارف اللازمة للعمل، والاستثمار في التعليم المستمر والتدريب المهني.. تقول أوبرا وينفري: الثقة بالنفس هي المفتاح الأساسي للتفوق في العمل، فعندما تؤمن بقدراتك، فإنك تفتح الأبواب لفرص لا حصر لها.




http://www.alriyadh.com/2062226]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]