الرواية من أصعب وأمتع الأجناس الأدبية. عمل مضنٍ شاق وحالة نفسية متوترة وممزقة بين الشخوص والأحداث. يستمتع بها القارئ وينتشي الكاتب عند انتهائه من كتابتها، وليس هناك رواية لم تعجب أحداً، فالرواية مهما كان مستواها لا بد من أن تكون حازت على رضا مجموعة من القراء. لأنها الرواية بعظمة دلالتها وبتوسع سياقاتها وامتداد مداها.
الرواية عمل أدبي يحتل قمة الإبداع، ومع ذلك لا يغضب الروائي أن ما يكتبه يصنف ضمن الأنواع النثرية الأدبية. فلماذا نفترض غضب من يكتبون النثر الفني عندما نضع منتجهم النثري ضمن الجنس النثري وليس الشعري!
وضع النثر الأدبي الحر أو التفعيلة ضمن النوع النثري لا يقلل من جمالياته ولا من مكانته وأهميته، ولكن وضعه ضمن الشعر يقحم النثر في الشعر دون أي مبرر مقنع، فالشعر العربي شكل من أشكال الأدب له شروطه الشكلية المتمثلة في وزن وقافية وبناء، وإسقاط أي منها يعني الذهاب إلى شكل آخر هو في كل الأحوال غير الشعر.
النثر الفني لغة عالية المستوى ليست مثل الكلام العادي فهي أدب اتخذ من أحد القوالب الفنية للغة لباساً ووعاء ليخرج من دائرة الكلام العادي إلى الكلام المؤثر والمتناغم والحامل للدلالة الجمالية والفنية بمختلف أشكالها، ولكنه ليس شعراً، وإذا عدنا بالزمن الإبداعي لوجدنا أن هذا النوع من الأدب -أي النثر- قد يكون هو المؤسس للشعر، والمحطة الأولى التي تحولت إلى أن أصبحت شعراً، فالنثر أصل والشعر فرع، ولا يعيب الأصل أنه الجذع الذي تفرعت منه الأغصان وإن بدت تلك الأغصان الأقرب للثمر وأكثر وضوحاً للرؤية.
النثر الفني عمل إبداعي تنطبق عليه آليات التحكيم، وعناصر تقييم الجماليات المطبقة على الشعر عدا القافية المرتبطة بالشعر، والوزن في حالة النثر الحر، ولذلك فدخوله ضمن مسابقات الشعر أمر مبرر فمن يقيم الشعر يستطيع تقييم النثر الفني، وبعض النثر أجمل من الشعر وبعض الشعر أجمل من النثر، ووجودهما جنباً إلى جنب خير شاهد على مكانة كل منهما.
كما أن وضع النثر والشعر تحت مسمى أحدهما، يعني ارتهان أحدهما لسلطة الآخر وسطوته دون أن يُنتبه لهذا الأمر، فالنثر الفني والشعر ليسا شكلاً واحداً وإن كانا يمكن أن يكونا بنفس المستوى الإبداعي في حالات كثيرة، وقد يتفوق أحدهما على الآخر.
والشاعر قد يكتب قصيدة ضمن القالب العربي المتعارف عليه بالشعر، وقد يكتب مقطوعة حرة أو تفعيلة ضمن القالب الإبداعي المتعارف عليه بالنثر، والحكم على إبداعه يأتي من خلال ما يقدمه من عمل إبداعي سواء أكان هذا أو ذاك.




http://www.alriyadh.com/2062545]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]