في حين أعلن معالي وزير الإعلام الأستاذ سلمان الدوسري ان عام 2024 هو عام "التحول الإعلامي" تأتي حزمة لافتة من المبادرات التي تهدف لتمهين الإعلام وتمكينه كان آخرها "أكاديمية واس" للتدريب الإخباري والتي تسعى بشكل مباشر الى توطين المعرفة ونقل افضل الممارسات وخدمة العمل الإخباري عبر شراكات محلية واكثر من ثلاثين وكالة أنباء عالمية كما تضم برامجها التدريبية خمسة محاور هامة وهي: الصحافة والأخبار والقيادة وأخلاقيات الصحافة، التوعية الإخبارية، التقنية والذكاء الاصطناعي وأخيرا شركاء الاعلام. سبق ذلك بأشهر قليلة إطلاق أكاديمية هيئة الإذاعة والتلفزيون للتدريب والتي تختص بتسعة مجالات منها الإنتاج التلفزيوني والاذاعي والسينما والاعلام الرقمي بجانب الاتصال الجماهيري للقيادات وغيرها. وهي تستهدف بشكل مباشر موظفي الهيئة وأيضا الجهات الحكومية والقطاع الخاص كما تهدف لإعداد كفاءات إعلامية بمعايير عالمية، كما تركز على المحتوِى النوعي وتقديم مستويات متعددة في التدريب. تلاها إطلاق أكاديمية التواصل والمختصة الإعلانات الرقمية وتزامن معها مشروع تواصل وميديا زون ومتحدثون وتدريب القيادات الإعلامية من قلب مركز التواصل الحكومي الذي صنع بصمته الخاصة في فضاء الاعلام بعقول شابة وأفكار ملهمة.
بالتأكيد ان هذه المبادرات الإعلامية تعكس وتعزز رؤية قادتنا وصناع القرار، ونجاحات الإعلام السعودي في السنوات الأخيرة لعلها تجعل المتلقي اكثر ثقة بالقادم، لكن من المهم ان يترافق مع هذا الزخم منجزات ملموسة ومشاهدة عبر اعمال حقيقية، وستكون فكرة جيدة ان يتم اجراء استبيانات دوريه عن رأي الناس بمخرجات الاكاديميات سواء المستفيدين انفسهم او الجمهور، كذلك لا يمكن تصور هذه البرامج دون تدقيق اكاديمي من قبل المختصين سواء بالجانب النظري او الميداني، كما انها فرصة حقيقية لاستقطاب طلبة الجامعات المختصين بالإعلام وفتح الأبواب لهم. يبقى المحك الأصعب في نظري ان "مهنة المتاعب" لا تحتمل التلاعب ولا يمكن التعويل المبكر على جدوى أي برنامج او مبادرة قبل خمس أعوام فالتغيير المعنوي والفكري لا يحدث بلمحة بصر نحن بحاجة للصبر والمراجعة وأيضا الرصد المستمر لكل مبادرة وأين مصيرها.
في صدد التحول الإعلامي استوقفتني سلسلة مقالات هامة عن السياحة السعودية ودور الاعلام للكاتب الأستاذ خالد المطرفي حيث قال: "نحن بحاجة الى عملية قيصرية كبيرة لصناعة اعلام سياحي سعودي متكامل"، ثم عالج مفهوم "صحافة السفر" وطرح ضرورة تطوير أدوات الصحفيين المختصين بهذا المجال واقترح ان تكون هناك نماذج دقيقة وصارمة في كتابة القصص تركز على إجراء بحث دقيق وتدعم معايير اعداد التقارير الأخلاقية وسرد القصص المقنعة التي تتخطى السحر السطحي للوجهات على حد قوله واجد ان هذه الإشارات التي أوردها الأستاذ المطرفي هي الخارطة الحقيقية التي لا نحتاجها في صحافة السفر فقط بل في صناعة الاعلام السعودي نعم مهم ان نعترف بأن الكثير من التقارير الصحفية والمحتوى المليء بالعاطفة والحماس بل الكثير من الخلط بين "الاعلام" و"الإعلان" فالموضوعية شيء والترويج شيء آخر، ولا بأس في ذلك ببعض الحالات وخاصة اننا خرجنا من مخاض ثقافي عسير استوجب هذه العمليات والتغييرات، لكن بطموح وعزيمة أبناء وبنات الوطن فإن التحول بين أيدينا ونحن قادرين على صناعته.
أخيرا فإن الفيصل لتحقق كل ما سبق هو ما أكده وزير الإعلام: "لن نثق سوى بالأرقام والمؤشرات والشغف والعمل"، لذا مهم ان يختار اليوم كل فرد مكانه وان يحدد وجهته وان يحرص ان يكون رقما صالحا ومعول بناء.. دمتم بخير.




http://www.alriyadh.com/2063471]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]