هناك بعض التوقعات، بأن أسعار النفط ربما ترتفع خلال الفترة القادمة. ومبعث هذه التوقعات، قائم على أساس إن السعر الحالي، الذي يحوم حول 80 دولارا للبرميل هو في منتصف المسافة. وعلى مدار الخمسين عاماً الماضية لا تبقى أسعار النفط في المنتصف وقتاً طويلاً. فالباحثون يرون أن أسعار النفط عندما تصل إلى المستوى الذي هي عليه الآن، فهي إما تنزلق وتهوي إلى أدنى مستوى، أو تحلق إلى الأعلى وتحقق أرقام قياسية.
وهذه الفرضيات إذا صحت، فإن ذلك يعني أن أسواق النفط العالمية أمام تحديات لا يستهان بها خلال الفترة المقبلة. ونحن بالتأكيد نفضل أن ترتفع أسعار النفط، حتى نتمكن من تمويل طموحاتنا دونما ضغوطات كبيرة. ولكن، تحقق ما نرغب فيه، مشروط بمعدلات نمو الفضاءات الاقتصادية الكبرى كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين والهند وغيرها من الاقتصادات الضخمة التي يؤدي دوران دولاب قطاعاتها الاقتصادية إلى زيادة استهلاك الطاقة، وعلى رأسها النفط والغاز.
وبالعكس، فإن تباطؤ نمو الاقتصادات المشار إليها، من شأنه أن يقلص الطلب على الطاقة ويؤدي إلى انخفاض أسعار النفط بشكل حاد. ولذلك واجهت البلدان المصدرة للنفط فيما مضى 6 أزمات: أزمة انهيار الأسعار عام 1986م، وأزمة 1994، وأزمة 1997، وأزمة 2008 وبعدها أزمة 2014 و2020 على أثر تفشي كوفيد-19 والإغلاقات التي أدت إلى ركود الاقتصاد العالمي وتراجع الطلب على مصادر الطاقة.
ولكن هذا العامل الموضوعي ليس هو الوحيد الذي يقرر استقرار أسواق النفط. فهناك عوامل ذاتية، وعلى رأسها القرارات التي تتخذها أوبك+. ومثلما نرى، فإن الدول المنتجة للنفط مستمرون في تقليص الإنتاج، ففي بداية هذا الشهر أعلن أعضاء تحالف أوبك + الذي تتزعمه المملكة وروسيا عن عزمهم على تمديد الخفض الطوعي في إنتاج النفط حتى الربع الثاني من العام الجاري، وذلك من أجل موازنة العرض مع الطلب.
من ناحية أخرى، فإن الاقتصاد العالمي، على الرغم من توقعات البنك الدولي بتباطؤه خلال العام، فإن هناك العديد من الفضاءات الاقتصادية الضخمة من المتوقع أن تنمو. فالاقتصاد الأمريكي من المحتمل أن يستفيد، كما قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، من الحرب في أوكرانيا. كذلك، الاقتصاد الصيني من المتوقع أن يصل نموه إلى 5%. أما الاقتصاد الهندي، الذي حقق خلال الثلاثة الأشهر الأخيرة من العام الماضي نسبة نمو 8.4%، فمن المتوقع أن يستمر في تحقيق معدلات مرتفعة.
ولذلك، فإن نمو الاقتصادات المشار إليها سوف يعوض عن تراجع معدلات النمو عند غيرها، وهذا سوف يؤدي إلى زيادة الطلب على الطاقة، وعلى هذا الأساس، فمن المتوقع أن يتعدى الطلب العرض، وهذا بدوره سوف يدفع أسعار النفط للارتفاع من المستوى الذي هو عليه الآن إلى مستويات أعلى.




http://www.alriyadh.com/2063813]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]