يوم العلم ليس مجرد مناسبة لرفع العلم الوطني في الميادين العامة والمؤسسات الحكومية والخاصة فحسب؛ بل هو فرصة لتأكيد مكانة العلم كرمز للهوية وللتعبير عن الفخر والولاء.. والتأمل في المعاني العميقة للهوية الوطنية والقيم التي تجسدها.
العلم السعودي بخلفيته الخضراء والشهادتين والسيف هو تعبير عن الهوية الوطنية والسلام، والعدل والقوة والحزم.. وهذه ليست شعارات أو وعود انتخابية أو خطب فارغة بل واقع نعيشه اليوم في هذه البقعة الخضراء حيث نرفل برغد الحكم الرشيد ورسوخ الولاء والانتماء، متجاهلين الحماقات والمغامرات والمزايدات من أولئك الذين ما كانوا يتخيلون أن هناك نموذجًا يمكن أن يتفوق على نماذج الفشل والاضطراب والحروب في هذا الجزء من العالم..
الحكم في المملكة ليس نموذجًا دخيلًا ولا خارجًا عن المألوف، ولا تقليدًا هجينًا لنماذج مستوردة؛ بل هو امتداد لثقافة حكم متجذرة لآلاف السنين، حيث يحكم شيخ القبيلة وأمير القرية أبناءه بالحكمة والعدل والشورى.. ويعتبر الولاء فيها فضيلة يتسابق إليها الأبناء ويتباهون بها.
والحكم السعودي على وجه الخصوص ليس إلا جزءًا أصيلًا من ثقافة أبناء المنطقة، ويشهد التاريخ على فترات كان فيها هو الملجأ والخيار الوحيد الذي يتفق عليه الجميع في شبه الجزيرة العربية، في مواجهة عواصف الفرقة والحروب وانعدام الأمن.
والقارئ للتاريخ، يعلم أيضًا سمو علاقة الأسرة المالكة بشعبها، حتى مع من اصطف ضدهم في مراحل حروب الوحدة والتأسيس، حيث الشواهد كثيرة عندما سخر الله للأسرة المالكة الحكم؛ عادوا ليجدوا من الحكام العفو والصفح الجميل والتقدير.. فكم من شيخ قبيلة ووجيه حفظت له الأسرة المالكة تقديره وأبقته على مكانته ومكانه بعد أن زال الاختلاف، رغم أن المنتصر في العادة يبطش بأعدائه، لكن الذي حدث هو القدرة المتوارثة على جمع الكلمة ووحدة الصف حتى يغدو المعارض خارجًا عن المجموع ومخالفًا يرفضه الجميع؛ فيضطر للعودة والاعتذار.
يقول خير الدين الزركلي في كتابه (شبه الجزيرة في عهد الملك عبدالعزيز): إن عبدالعزيز ابتسم مرة في مجلسه، وفي ضيافته الشيخ نوري الشعلان، ففسر عبدالعزيز ابتسامته للضيف قائلًا: "هل ترى هؤلاء الجالسين حولك يا أخ نوري؟ ما منهم أحد إلا حاربته وعاداني وواجهته"، فرد الشيخ نوري قائلًا: "سيفك طويل، يا طويل العمر"، فأوضح عبدالعزيز أن السبب لم يكن السيف فقط، قائلًا: "إنما أحللتهم المكانة التي لهم أيام سلطانهم.. إنهم بين آل سعود كآل سعود".
أيضًا قصة الشيخ رشيد الناصر بن ليلى الذي كان وكيلًا لابن رشيد ووسيطه مع العثمانيين، وكان يمد ابن رشيد بالسلاح والعتاد والمال في حربه ضد الملك عبدالعزيز، وعندما تمكّن منه المؤسس، قال له: "بماذا أعاقبك؟"، فقال له الشيخ رشيد بوضوح وصراحة: "بما تهوى، وما أنا بنادم على ما فعلت مع ابن رشيد"، فقال له الملك: "لقد أخلصت في خدمة صاحبك، وقد زال صاحبك، وإني لأرى فيك غريزة الإخلاص، فعد إلى دمشق وأنت وكيلي هناك"، فكان ممثلًا للملك عبدالعزيز في سورية إلى أن توفي -رحمه الله-.
الأسرة المالكة ليست طارئة أو نبتة خارجية زرعها مستعمر أو أوصلتها دبابة عسكرية، بل هي جزء شرعي أصيل من تاريخ الوطن وتكوينه، والولاء في هذا الوطن ليس ولاء مرحلة أو ولاء لطارئ بل ولاء للحكم الذي وحد أقطار هذا الوطن باختلافاتها تحت علم يحمل في معانيه كل مبررات هذا الولاء واقعًا ملموسًا.




http://www.alriyadh.com/2064381]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]