عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن»، قيل: من يا رسول الله؟ قال: «الذي لا يأمن جاره بوائقه» متفق عليه. عن الجيران وحق الجيرة التي باتت تتلاشى شيئاً فشيئاً مع الزمن، ومع غياب القيم عن بعض الأنفس الضعيفة وبالتزامن مع نهضة وطنية شاملة على كافة الأصعدة في تقنين تعاملات البشر فيما بينهم، تبقى بعض الثغرات التي تنغص حياة الناس وتؤذيهم فسماع أصوات مزعجة خلال ساعات نومك من صراخ وتجمعات هستيرية وحفلات وسط الأسبوع أمور تسمعها ممن تضطرهم الظروف للإيجار في عمائر سكنية وقد تظهر هذه الممارسات في أفخم الأحياء وربما تدفع مبالغ فلكية وتستمر في مواجهة الإزعاجات والمشاهدات المتكررة، ولعل البعض يشتكي بالفعل ويتجه للجهات المختصة لكن ما أود تسليط الضوء عليه اليوم هو أهمية حماية حقوق المستأجرين وجعل بعض المشكلات لا تخضع للأمزجة أو الثقافة السائدة بل تقنن ويلزم المؤجر والمالك بتوضيحها في العقود والمسلمون على شروطهم.
إن التعريج على هذا الملف المهم يدفع للاستحضار لمنصة إيجار التي تفوقت بزمن قياسي في ضبط الكثير من الممارسات العبثية، بل ستساهم بشكل كبير ومباشر في حرب الوطن ضد غسيل الأموال وتمويل الإرهاب من حيث الضبط والتعاقدية الموثقة، وقد تعين الكثير من المستثمرين على استقطاع حقوقهم وتجنب المماطلات بل ستفتح شهية المزيد من المطورين العقاريين لطرح وحداتهم في السوق وكل من يمتلك عقارات قابلة للتأجير والاستفادة، ولعلنا بالفعل نجحنا بعد مرور سنوات من فكرة أن الإسكان «أزمة فكر» للوزير الأستاذ ماجد الحقيل بتغيير أفكارنا حول الإسكان، لندخل في «أزمة ممارسة» تستدعي أن يكون هناك حوار مفتوح بين المستفيدين واتحادات الملاك وأصحاب الشأن، فلا يعقل أن يدفع شخص ما يفوق الخمسين ألفاً سنوياً في شقة لا تزيد مساحتها على مئة متر ثم يجد أنه محاصر بممارسات مشينة ومواقف معتدى عليها أو حتى يشاهد دخول وخروج شخصيات بشكل يومي من خلال بعض المؤجرين للوحدات عبر التطبيقات الحديثة علينا والتي أدق ناقوس الخطر حولها لما فيها من عبث وعدم تقييد بيانات المستأجرين ببعض الأحيان ولا يخفى علينا التبعات الأمنية التي تلي هذه الاجتهادات الضارة.
نعم تفوقنا ولله الحمد في قطع أشواط بسرعة ضوئية في الاستقرار المادي والعملي، لكن الاستقرار الأخلاقي والقيمي الحاجة له ملحة ولا يمكن تركها للاجتهادات الفردية، بل يجب ضبط كافة الممارسات التي تحدث في هذا الشكل من السكن مع ضرورة معالجتها بشكل مستمر، ولا أغفل ضرورة التأكيد على إلزامية تركيب كاميرات المراقبة في الشوارع والبيوت وأن يفهم المجتمع أن هذه التغيرات هي جزء منها، بل أستغرب من بعض الأسر التي تتحفظ على المساهمة في الأمن الاجتماعي وتغفل كاميرات المراقبة، فمهما بلغت خيرية أي مجتمع أنساني تبقى شياطين الإنس حاضرة وهم يوماً بعد يوم يتطورون في جرائمهم وممارساتهم ويسابقون الزمن في سرقاتهم وتعدياتهم وطرق احتيالهم وقد سمعنا وشاهدنا كيف تتم سرقة سيارات وغيرها.
أخيراً، فإن الوفاء بالعلاقات التعاقدية من صميم الإيمان والإحسان للناس وهو واجب وليس اختياراً، قيمنا وشيمنا وعاداتنا عظيمة وبالتأكيد أن التمسك بها خير من إفلاتها، وأتعاطف بشدة مع كل من يتعرض للأذى من جيرانه، وأجد أنه من المهم أن نرسم حدوداً جديدةً، ولطالما وجدت المنصات والأدوات فلمَ لا نحسن استخدامها ونسخرها لخدمة الجميع.. والله يرعاكم.




http://www.alriyadh.com/2065137]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]