لم يكن بيان الاحتياطي الفيدرالي الأربعاء الماضي، سوى نسخ ولصق من بيان يناير، عربي بوست - فلا جديد يذكر ولا قديم يعاد، وهذا يعني أن صناع السياسة النقدية في الولايات المتحدة ليسوا واثقين من قدرتهم على لي عنق التضخم إلى المستوى المستهدف، في الوقت الذي يظهر فيه «المخطط البياني النقطي»، أن جيروم باول ورفاقه ما زالوا متمسكين بإمكانية تنفيذ ثلاثة تخفيضات للفائدة بنهاية العام الجاري، وبالرغم من أن قراءات التضخم المرتفعة خلال الشهرين الأولين من عام 2024 تدعم استراتيجية الفيدرالي الحذرة، إلا أن هذا الارتفاع قد يجبر مسؤولو السياسة النقدية على التخلي بهدوء عن هدف الـ2٪، مع استعدادهم لقبول تضخم أعلى من المعتاد.
تكمن المشكلة الأكبر للاحتياطي الفيدرالي في طريقة التعامل مع الانتخابات الرئاسية خلال نوفمبر المقبل، فهذه الانتخابات بمثابة فيل في غرفة اجتماعات الفيدرالي، وهذا الفيل يتجاهله المجتمعون ولا يريدون التعامل معه، ولذلك، يحاولون بكافة السبل، الابتعاد عن شبهة التأثير علي الانتخابات، أو التقليل من حظوظ كلا المرشحين ترمب وبايدن، ولهذا، يبذل باول ورفاقه قصارى جهدهم لتجنب أي تصور غير لائق في هذا الاتجاه، على أساس أن البنك المركزي مستقل عن البيت الأبيض، ومن المرجح أن نرى باكورة تخفيضات الفائدة قبل الانتخابات بفترة طويلة، أي خلال اجتماع يونيو المقبل، وعموماً، فإن تصدر الاحتياطي الفيدرالي لعناوين الأخبار قبل الانتخابات الرئاسية مباشرة، ليس أمراً مستحباً، لأن هذا الأمر مربك لجمهور الناخبين.
الملاحظة الأساسية، هي أن الأسواق تنفست الصعداء بمجرد انتهاء المؤتمر الصحفي لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، فقد جنبها هذا البيان رصاصة قاتلة، لأن البيان أعاد التأكيد على ثلاثة تخفيضات متوقعة في أسعار الفائدة هذا العام، فيما كان البعض يرعب الأسواق بأن الخفض سيكون مرتين فقط، بالإضافة إلى أن الأسواق اعتبرت أن عدم وجود أخبار جديدة في البيان هو خبر جيد في حد ذاته، وهذا يعني أن الأسواق لا تزال تتمتع بالضوء الأخضر، وأن الفيدرالي لن يقف في طريق السوق الصاعدة، ومع ذلك، فإن الخبر الوحيد الصادر عن بيان الفيدرالي هو أن صناع السياسة قرروا إبطاء جهود تقليص الميزانية العمومية للبنك المركزي، وهذا أمر صعودي للغاية بالنسبة للأسواق.
إجمالاً، فإن عدم وجود سبب مقنع لخفض الفائدة، واستمرار لغز التضخم فوق المعدل المستهدف، يجعل من تحفظات الفيدرالي بشأن الفائدة مبررة تماماً، حيث يحاول مسؤولو السياسة النقدية توجيه الاقتصاد صوب الهبوط الناعم، وهو الوضع الذي يهدأ فيه التضخم ويعود إلى طبيعته دون حدوث تباطؤ اقتصادي مؤلم يدفع البطالة للارتفاع بشكل حاد، والواقع، أن الفيدرالي يتمتع بتفويض مزدوج الأول تحقيق النصر على التضخم، والثاني بلوغ حد التوظيف الكامل، وبالفعل، فقد ظل سوق العمل قوياً رغم ارتفاع الفائدة، حيث أضافت الولايات المتحدة 275 ألف وظيفة جديدة خلال الشهر الماضي، ورغم ارتفاع البطالة إلى 3.9%، إلا أن معدل البطالة ظل أقل من 4% لمدة عامين، وهذه أطول فترة من نوعها منذ تورط الولايات المتحدة في حرب فيتنام.




http://www.alriyadh.com/2066298]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]