عقد يوم الاثنين الماضي في هيوستن مؤتمر الطاقة العالمي. وهذا المؤتمر انعقد في وقت تعيش فيه مصادر الطاقة مرحلة انتقالية، فمثلما قال وزير النفط السابق أحمد زكي اليماني: إن العصر الحجري انتهى ليس بسبب نقص في الحجارة، وعصر الفحم كذلك انتهى ليس بسبب نقص في الفحم، وإن عصر النفط قد ينتهي ليس لأن النفط قليل، بالفعل، فإن الدعاية لمصادر الطاقة الجديدة، التي انضم إليها أنصار المناخ، قد أصبحت تشكل تهديداً للوقود الأحفوري، الذي صار يشار إليه باعتباره خطراً كبيراً على سلامة البيئة والحياة على الكرة الأرضية، ولذلك صارت تسن التشريعات وتخاض الحملات الانتخابية تحت شعار الحد من إنتاج الطاقة التقليدية وتقليل الاستثمار في كل ما من شأنه زيادة انبعاث الكربون. وهذا بالتأكيد لا يصب في صالحنا، باعتبارنا من أكبر منتجي النفط في العالم.
ولكن وقائع مؤتمر هيوستن، تبين أن الواقعية بدأت تأخذ مكانها، وأن الحكم على عصر النفط بالانتهاء لا يزال سابقاً لأوانه. فالدفاع عن الوقود الأحفوري ومصالح رؤوس الأموال المستثمرة في هذا القطاع، قدم إلى هيوستن ممثلي كبريات شركات الطاقة في العالم، بما فيهم شركة "أرامكو" التي مثلها الرئيس التنفيذي للشركة.
والاختلاف بين شركات الطاقة التقليدية والمتحمسين لمصادر الطاقة المتجددة لا يقتصر فقط على حماية البيئة، كما يبدو للوهلة الأولى وإنما يتعداه. فأصحاب رؤوس الأموال، يطمحون عبر الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة في التحول إلى عمالقة جدد وجني أرباح لا تقل عن تلك التي تحصل عليها شركات النفط والغاز. ولذلك تجمعوا حول شعار الحد من التغيرات المناخية. فتحت هذا الشعار البراق، شكلوا أحزاباً وجماعات ضغط مكنتهم من احتلال أعلى المناصب كما هو الحال في ألمانيا، التي تمكن فيها حزب الخضر من إيصال زعيمته آنالينا بيربوك لتصبح وزيرة للخارجية.
في المقابل، فإن شركات الطاقة التقليدية، الذين تضررت مصالحهم من توجه الدول الصناعية لتطبيق اتفاقيات المناخ، بدؤوا يرفعون أصواتهم. ولذلك، فإنه قد لا تكون مصادفة، وحملة الانتخابية الرئاسية في الولايات المتحدة، قد بدأت أن يحذر رؤساء شركات النفط الكبرى مثل "أرامكو"، "أكسون موبيل"، "شل"، "بي بي" وغيرها من المخاطر الناجمة عن التخلي عن الوقود الأحفوري.
وأعتقد أن رئيس شركة "أرامكو"، قد عبر بوضوح عما يدور في صدور بقية زملائه الذين حضروا المؤتمر، عندما أشار إلى أهمية التخلي عن خيال التخلص التدريجي من النفط والغاز، وضرورة الاستثمار فيهما بشكل مناسب. فهذا التوجه، كما يبدو، هو الذي سوف يصبح التوجه السائد خلال الفترة القادمة mainstream- خصوصاً بعد تنحي آن كارلسون مناصرة الطاقة المتجددة ومايسترو "السيارات الكهربائية" واستراتيجية التخلي عن السيارات التي تعمل بالوقود، في إدارة بايدن عن منصبها.




http://www.alriyadh.com/2066444]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]