النقد البناء هو النقد الذي يركز على العمل، على الأداء، على النتائج. هو نقد يتطلب توفر التخصص، والخبرة، والموضوعية. النقد البناء يتطرق للإيجابيات والسلبيات ويقترح الحلول، ويستخدم الأسلوب العلمي وليس الإنشائي.
النقد البناء واضح الأهداف، يسعى للتحفيز والتطوير وليس إصدار الأحكام القاطعة بالفشل، أو توجيه الاتهامات دون دليل أو الاعتماد على الإشاعات.
في المجال الرياضي، حين يسيطر التوتر واللعب العنيف على لاعبي كرة القدم، وحين تكون انفعالات الجمهور مبالغاً فيها وأحياناً خارج السيطرة فاعلم أن الشحن النفسي الذي يسبق المباريات التنافسية مصدره خطاب الإعلام الرياضي الذي يصور المباراة بأنها معركة، ويسبق المباراة بتوزيع الاتهامات وإثارة الشكوك حول توقيت المباراة وملعب المباراة وحكام المباراة، وحول التعليق والإخراج وملابس اللاعبين، ويقرر مسبقاً أن التحكيم سيكون هو السبب في الفوز أو الخسارة.
النقد الرياضي حين يتأثر نقده بانفعالات الناقد المرتبطة بنتيجة مباراة في كرة القدم سواء كانت فوزاً أو خسارة فهو في هذه الحالة يعبر عن انفعالاته كمشجع ويخرج في حالة خسارة فريقه المفضل من محيط النقد الموضوعي إلى الانقياد لنظرية المؤامرة ويبدأ مسلسل توزيع الاتهامات على الجميع، نعم الكل متهم، الحكام، اللجان، الفار، اتحاد كرة القدم، وزارة الرياضة، وزارة الإعلام، الوحيد البريء المستثنى من النقد هو الفريق الخاسر! هذا مع الأسف هو واقع النقد الخاضع للميول. الفريق الذي يشجعه هذا الناقد لن يستفيد لأن الناقد المشجع يرى أن فريقه فريق ناجح متكامل لذلك يحاول البحث عن أسباب خارجية لتبرير الإخفاقات، وهذا سبب رئيس يعيق تحقق التطوير المنشود.
هذا النقد غير الموضوعي أصبح مشكلة موسمية مزمنة تتفاقم دون حل. الحل بسيط جداً، نحن في بلد تحكمه الأنظمة والقوانين، من يملك أدلة على وجود فساد عليه أن يتوجه إلى الأجهزة المختصة ومنها (نزاهة)، أما إذا كان يرمي الاتهامات بدون أدلة فعليه أن يتحمل العواقب.
أنظمة ولوائح وقوانين دولية وداخلية تنظم وتحكم الأنشطة الرياضية ومنها النشاط الأبرز كرة القدم، لكن المتعصب الرياضي ينسف كل تلك الأنظمة واللوائح والقوانين، ويتجاهل عوامل التفوق الإدارية والفنية ويختزل عدم النجاح بكلمة واحدة (مؤامرة) وهي كلمة تقدم شهادة براءة لإدارات الأندية وحزمة اتهامات لجهات خارجية. هذه صورة متكررة تلازمنا وازدادت حدتها عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، وإذا كان النقد الرياضي يحتضر في وسائل الإعلام التقليدية فإنه في وسائل التواصل الاجتماعي وصل إلى مرحلة الوفاة. في هذه الوسائل لا يوجد شيء اسمه النقد البناء، لقد تحولت إلى منبع للاتهامات والتنمر واللغة البذيئة والعداء للنجاح وتمجيد الفشل!
المشروع الوطني الرياضي في المملكة جزء من منظومة التنمية الشاملة التي تعيشها المملكة في إطار رؤية 2030 ذات الأهداف الطموحة. واقع الإعلام الرياضي لا يواكب هذا الطموح ولا التطور المتحقق في مجالات مختلفة، هو واقع يحتاج إلى إصلاح عاجل.




http://www.alriyadh.com/2066470]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]