تغيرت مفاهيم الحروب والتهديدات بين الدول، وخصوصا الدول الكبرى وتحديدا فترة ما قبل 1991م، عام انهيار امبراطورية الاتحاد السوفيتي (روسيا حالياً)، كانت لغة الحرب بين أهم قطبين للسياسة العالمية حرب إعلامية بكل ما تعنيه الكلمة، ودخلت هوليود بأفلامها الشهيرة بصورة كبيرة في هذا الصراع لتكون الأداة الإعلامية والشعبية لأميركا لفرض قوتها وتخويف الاتحاد السوفيتي، وانتشار أفلام مرعبة، كانت البطولة بطبيعة الحال والانتصار الإعجازي للجندي الأميركي بالأفلام، فكانت أفلام حرب النجوم والقنابل النوية ونهاية العالم أبرز مراحل تلك الفترة.
بالإضافة إلى الخطابات الإعلامية للرؤساء الأميركيين والذين كانوا يعتمدون على قوة الوسائل الإعلامية الأميركية وحلفائها من دول الغرب، فكان أشهر تلك الخطابات والذي تنبأ بانهيار الاتحاد السوفيتي، خطاب الرئيس الأميركي والممثل الأميركي الشهير (قبل الرئاسة) رونالد ريغان، عام 1983 بخطابه الشهير «امبراطورية الشر» والذي توقع فيه قرب نهاية الاتحاد السوفيتي والنظام الاشتراكي ولم تمضِ سنوات قليلة إلا وتحقق ما أعلنه. القنابل النووية، العلام القوية، أفلام هوليود، كانت الأدوات الأشهر في الحقبة الماضية في الحروب، ولكن في هذا الزمن تغيرت قواعد اللعبة، الآن نعيش حرب «وسائل التواصل الاجتماعي» أو الحرب القريبة من الشعوب أكثر من قادة السياسة، ونحن نتابع الحرب الأميركية الصينية بهذا الخصوص والعنوان تطبيق التواصل الاجتماعي «تيك توك»..!!
فبعد أن منعت الحكومة الأميركية موظفي الحكومة من تحميل التطبيق على جوالاتهم الرسمية، الجميع ينتظر الإعلان عن منع التطبيق في أميركا بصورة رسمية، ليصل الأمر أن يكون الرد الرسمي الصيني فيه سخرية من هذا القرار بتصريح المتحدثة باسم الخارجية الصينية: «كيف تكون أكبر قوة عظمى في العالم مثل الولايات المتحدة، غير واثقة من نفسها لتخشى التطبيق المفضل عند الشباب بهذا الشكل؟»!
ولكن أخطر تصريح من وجهة نظري بهذا الخصوص ويلامس مشاعر الأميركيين ويثير غضبهم على قرار حكومتهم بهذا الخصوص، تصريحات الرئيس التنفيذي لتطبيق تيك توك شو تشيو «أن تطبيق مشروع القانون الأميركي بحظر التطبيق في أميركا، سيعرض أكثر من 300 ألف وظيفة أميركية للخطر» تصريح قوي في زمن ارتفاع نسبة البطالة في أميركا، وموجه لأكثر من 170 مليون أميركي يستخدمون التطبيق، وسيخسر الكثير من المبدعين في هذا التطبيق من الأميركان مئات المليارات من الدولارات حسب تصريح تشيو.
لغة الأرقام في الوظائف ومليارات الدولارات قد تؤثر على قرار الأميركان، لأن الأمر مخالف للمثالية الأميركية الخاصة بالحريات الإعلامية، ولكن أحيانا قد يتفوق السياسي في قراره على رغبة المطالب الشعبية، ويكون الأمر عاديا بحظر تيك تك في أميركا والدول الحليفة لها، لتستمر الحروب وتكون بدايتها «حرب تيك توك العالمية» ولكن ليست بالأسلحة النووية أو الخطابات السياسية، وإنما بتطبيقات قد يكون محتواها تافها ولكن مؤثر إذا رغبت الدول الكبرى أن تستغله.




http://www.alriyadh.com/2066757]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]