تُعدّ صناعة القيم والمُثل في قلوب وعقول البشر، صناعة مهمة وضرورية للمجتمعات والأمم، ولكنها ليست بالأمر البسيط أو السهل، بل هي صناعة معقدة وشائكة وتحتاج للكثير من المقومات والمحفزات، لكي تنجح وتستمر تلك الصناعة القيمية المهمة. صناعة القيم، تتطلب وفرة وجودة معايير وقواعد، بعيدة كل البعد عن الأساليب الخطابية المباشرة وخالية من الممارسات التلقينية الوعظية.
في مثل هذا العصر المزدحم بمختلف التحديات والمتناقضات، تحوّلت صناعة القيم والمُثل في فكر ومزاج الناشئة إلى عملية معقدة وملتبسة، وتحتاج إلى أدوات وأساليب ابتكارية وليست تقليدية، وتُعدّ الدراما التلفزيونية واحدة من أهم تلك الأشكال والأساليب الفعالة لصنع وتوجيه القيم والمشاعر، وذلك من خلال الحوارات والحبكات الدرامية المصنوعة بذكاء ووعي. الرسائل والتأثيرات المراد تمريرها وتعزيزها من خلال الحوارات والمشاهد الجذابة، تتسلل بحب وتلقائية وتؤثر بشكل سريع وعميق في قلوب وعقول الناشئة.
عمل فني درامي يُعرض في التلفزيون أو في التطبيقات والمنصات الرقمية الحديثة، يُصنع بوعي وذكاء، وبخطوط وسيناريوهات موضوعية وحرفية، ويُقدم أبطالاً وشخوصاً طبيعية وليست سوبرمانية تحمل بعض القيم والمشاعر الجميلة وتُناضل بواقعية وعقلانية من أجل تلك القيم والمبادئ، سيكون له أكبر الأثر في نفوس ومشاعر الأجيال الصغيرة والشابة التي هي في الأساس تعشق الفن الدرامي والمسرحي والسينمائي. فهذه الأجيال الناشئة قد سئمت من كل تلك الطرق والأساليب الكلاسيكية المباشرة لصناعة القيم والثقافات، سواء في بيوتهم أو مدارسهم أو مجتمعهم.
الفن بكل أشكاله ومستوياته الدرامية والمسرحية والسينمائية، هو الأكثر قدرة وتأثيراً ونجاحاً في صناعة القيم والمفاهيم والمشاعر في نفوس الأجيال الناشئة، بعيداً عن النصائح المباشرة والأساليب التوعوية التقليدية التي تنفر منها مشاعر ومزاج الأجيال الشابة والصغيرة التي تعشق الدهشة التي تصنعها الأعمال الفنية المختلفة والمتعددة. إن استخدام الدراما والسينما والمسرح، بشكل ذكي وعفوي وجذاب، مع تمرير وتسييل بعض الأفكار والآراء والثقافات والقيم، سيكون له بالغ الأثر في نفوس وشعور كل الفئات والمراحل المستهدفة التي ستتفاعل وبشكل سلس وتلقائي مع كل الأفكار والأهداف والرؤى التي تحمله تلك الأعمال الفنية والدرامية والسينمائية والمسرحية.




http://www.alriyadh.com/2067190]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]