كل دول العالم لديها من الأيام الكبرى التي تعتز وتفخر بها وتجعلها مناسبة وطنية يُحتفى بها كل عام، وبقدر مكانة تلك الأيام يكون الاحتفاء، خاصة إذا كانت تلك المناسبات قد غيّرت وجه التاريخ في الدولة وشعبها، وأسهمت في اقتحام آفاق المستقبل؛ لإعداد جيل مثقف واعٍ يعرف قدر وطنه ومكانته بين الأمم، ويؤمن بمقدراته وقدراته، ويعتز بثقافته وتراثه الحضاري التاريخي وموروثه الشعبي الأصيل.
ومن تلك الأيام الخالدة التي كانت تستحق الاحتفاء بها وبإطلاقها يوم 25 إبريل 2016م، هذا اليوم الذي أطلق فيه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان –أيده الله– رؤية المملكة 2030، تلك الرؤية التي وضعت بلادنا في مصاف كبريات دول العالم في جميع المجالات، وتأتي عبقريتها لأنها تستثمر في الإنسان الثروة الحقيقية لأمة شابة فتية قوية بتاريخها وحضارتها وحاضرها ومستقبلها الذي تستثمر فيه، وتضع مصلحة الأمم الأخرى في خط متوازٍ مع مصلحتها؛ لأنها جزء من هذا العالم الكبير، المتشابك في المصالح والأهداف والأنشطة، الذي تتقاطع فيه السياسات العامة، وتتكامل فيه الرؤى التنموية الاقتصادية.
إن فسلفة الأيام الكبرى في الدول تضع على عاتقها مسؤوليات جساماً، فلن يقتصر الاحتفاء بتلك المناسبة أو غيرها مجرد فرحة وزينة وتظاهرات إعلامية وشعبية، وإنما مسؤولية تُلزم الدولة نفسها بها أمام العالم، لذا رأينا المملكة التي وضعت خططا طموحة لمملكة ما بعد النفط، فقد وضعت في خط متواز مع تلك الخطط مبادرة السعودية الخضراء، التي أطلقها –أيضاً– ولي العهد في 27 مارس 2021م، ومن ثم قرر مجلس الوزراء أن يصبح هذا اليوم مناسبة وطنية يحتفى بها كل عام، لتضيف المملكة مسؤوليات أكبر على كاهلها أمام العالم، لتفتح كشف حساب سنوي تعرض فيه جهودها في حماية البيئة وتسريع رحلة انتقال الطاقة وبرامج الاستدامة لتحقيق أهدافها الشاملة في مجال تعويض وتقليل الانبعاثات الكربونية، وزيادة أعمال التشجير واستصلاح الأراضي وحماية المناطق البرية والبحرية في المملكة، وتبيان جهود المجتمع "الشعب" والمجتمع المدني؛ لإثراء تجربة المملكة في هذا المعترك المهم.
سيبقى يوم مبادرة السعودية الخضراء علامة فارقة في تاريخ البلاد، ومرآة تعرض ثقافة الشعب السعودي ووعيه وتفاعله مع أهم القضايا التي تشغل بال العالم، وتتحكم في اقتصاديات كبريات الدول، ومصائر شعوب الأرض، ولأن الحدث عظيم، فمن أهم خطط المملكة التزامها بتوليد 50% من طاقتها الكهربائية من مصادر متجددة بحلول عام 2030، والتصدي لتداعيات تغيُّر المناخ، وتحسين جودة الحياة، وحماية البيئة، لذا أطلقت أكثر من 80 مبادرة في سبيل تحقيق الأهداف الثلاثة لمبادرة السعودية الخضراء، من جهود التشجير وحماية التنوع البيولوجي، وخفض الانبعاثات وإنشاء محميات طبيعية جديدة، والهدف الأهم تقليل الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030، إضافة لزراعة 10 مليارات شجرة، وإعادة تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي واستعادة المساحات الخضراء الطبيعية في المملكة، وقد بدأت النتائج تظهر على السطح من المدن الجديدة التي تقوم أركانها على الطاقة المتجددة والنظيفة والهيدروجين الأخضر، والاستثمار في الطاقة الشمسية، ودخول الطاقة المتجددة في التصنيع.
وما أجمل أن نحتفي بإطلاق هذه المناسبة الوطنية، والمملكة تحتفي بالذكرى السابعة لبيعة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إنها أيام كبرى في تاريخ المملكة.




http://www.alriyadh.com/2067547]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]