وأنا أتجول عبر مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات التلفزيونية.. تلك التقنيات التي جعلت من العالم بين يديك بأفراحه وأتراحه ومناسباته.. لفت نظري كيفية التعامل مع الشهر الكريم بين بلدان المسلمين وحتى تلك البلدان غير المسلمة ويعيش فيها جاليات إسلامية.. الشاهد أنني وقفت على تباين ملحوظ في العمل والتعامل مع هذا الشهر الكريم، بين مشمر للعبادات وآخر مشمر للأكل والترفيه!
قبل الخوض في تفاصيل ملخص الاطّلاع أدرك كما غيري أن لو سألت المسلم وحتى غير المسلم عن شهر رمضان لأجابك هو شهر يرى فيه المسلمون الإكثار من عمل الخير والتقرب إلى الله.. وهي حقيقة يدركها كل من برأسه عقل، لكن هيهات بين الأساس والإضافات فكثير منّا -نحن العرب المسلمين- الأمر مختلف جداً، فصيام الشهر عمل قائم ولا جدال فيه، لكن يضيف كثيرون إلى الشهر اللهو والمتع سواء بالطعام أو الفكاهة والسهر، خلاله حدّث ولا حرج فخليجيا وعربيا الإعلانات الخاصة بما تشتهي الأنفس من طعام تحضر بقوة خلال هذا الشهر الكريم، ناهيك عن أن مسلسلات الكوميديا التافهة والدراما المزعجة المكلفة جداً أيضاً خلاله، ولدى بعض العرب خيام الرقص وما يصاحبها من عادات وتصرفات مخلة تكون أثناؤه.
من تلك المواقع والبرامج التلفزيونية وما تنقله من صور حقيقية عن مجتمعاتها.. طفقت أتساءل هل هذا هو رمضان الذي نعرفه؟ لننتظر كيلا نظلم المسلمين جميعا فقد آثرت قبل كتابة هذه السطور أن أتعمق أكثر في شأن رمضان في البلاد المسلمة من غير العرب وتلك غير المسلمة التي يتواجد بها مسلمون، لأجد أن الالتزام بروحانية الشهر أكبر.. وأصدقكم القول إن جعل رمضان محل ترفيه وإسقاط عبثي مخل هو شأن لبعض بلاد العرب ليس إلا؟.. قرأت وسألت واطلعت، لتكون الإجابة مفرحة لأن أولئك المسلمين الذين يتواجدون في البلدان غير المسلمة وتلك البلدان المسلمة من غير العرب يرون في الشهر الفضيل فرص العبادة والتقرب، هم يجدون فيه متسعاً لمناجاة الخالق، هم يقتربون أكثر من القرآن، فيه فرص لارتياد المساجد وضبط النفس لتتواءم مع الحكمة من الصوم، بعيدون كل البعد عن الإسقاطات المخلة، وجرائم الخيام التي أطلق عليها كيداً وجوراً الخيام الرمضانية، يبحثون خلاله عن الاستزادة من الخير، وبلاد العرب تجد فيها مزيدا من التخمة والشراهة في السهر والضحك.
المهم في القول إننا أسرفنا على أنفسنا وبلغنا حدا أننا لم نعد نضع الشهر الفضيل في منزلته التي يستحقها ولدى الآخرين نوغل في الملذات سواء كانت روحانية أو غذائية، مخالفين المنهج الإلهي العظيم في كيفية التعامل مع هذا الشهر الكريم، والتي عبر عنها القرآن الكريم في كثير من السور والآيات، مثل قوله تعالى: "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينّات من الهدى والفرقان"، وقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين" رواه البخاري ومسلم.. فهل بعد هذا التوجيه نبحث عن الملذات التلفزيونية والموائد الشرهة؟
غفر الله لنا ولكم وتقبل منّا ومنكم..




http://www.alriyadh.com/2067548]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]