لا بد من محاسبة من يقوم بالتسويق للمسابقات المخالفة، وبالأخص المؤثرين على السوشال ميديا، بجانب تغريم الشركات وتحميلها المسؤولية، ومحاسبة الانتهازيين الذين يحاولون تسليع رمضان، وتحويله إلى مهرجان تسويقي، والتفعيل الحقيقي لأنظمة وزارة التجارة وإعادة صياغة بعضها..
في 26 مارس من العام الجاري تم رصد مخالفات على ست شركات عطور محلية، وكان ذلك بمعرفة وزارة التجارة السعودية، ونتيجة لإجرائها مسابقات رمضانية مخالفة، تضمنت جوائزها طائرات خاصة وفيلا سكنية وإبل وسيارات وأطقم ذهب، وقبلها بأسبوع ضبطت تسع شركات إضافية لقيامها بمسابقات تجارية مشابهة، وبإجمالي 13 شركة، وكلها نفذت مسابقات غير نظامية في الشهر الكريم، وفي 21 فبراير الماضي، قامت الوزارة نفسها بحجب وإيقاف متجر إلكتروني، ومنعه من مزاولة النشاط، وتغريمه مبلغ مليون ريال أو ما يعادل 267 ألف دولار، لمخالفته نظام التجارة الإلكترونية، وتقديمه جوائز على منصة (سناب شات)، تمثلت في سبائك ذهب، اتضح فيما بعد أنها بحجم شريحة الجوال، ومعها جوالات ومبالغ مالية، وهذا يختلف في حالة المسابقات التجارية.
لأن الأخيرة يحكمها نظام مكافحة الغش التجاري ولائحته التنفيذية، وقدم تم تحديد 21 بنداً لضبط عملية تنظيم هذا النوع من المسابقات، وهو مقصور على الكيانات التجارية وليس الأشخاص، وعقوبات المسابقات المخالفة، بحسب المادة 19 من نظام مكافحة الغش التجاري، لا تتجاوز السجن لمدة خمسة أشهر، وغرامة تصل إلى خمسين ألف ريال، أو قرابة 13 ألفا و300 دولار، وهو لا يوازي حجم الفعل المرتكب، ولا يحقق الردع الكافي، ولا يقارن بمكاسب المسابقات التجارية، ولا بإضرارها على محدودي الدخل، الذين يمثلون أكثر ضحاياها.
هذه المسابقات التجارية تحضر بشكل واضح في رمضان، ويمكن الوقوف عليها ومشاهدتها في الحسابات الشخصية للمؤثرين، وهؤلاء لا يوجد نظام يضبط مسابقاتهم، حتى نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية لايهتم بها، وتشترط المسابقات في العادة، الإعجاب وإعادة الإرسال والمتابعة للاشتــراك فيها، وبما يحقق زيادة المشاهدات واتساع شهرة المنتج أو الشخص، محل التسويق فيها، ومن الأمثلة، تداول السعوديين في 20 مارس 2024، لمقطع فيديو يقوم فيه أشخاص بوضع مبالغ تتراوح ما بين 500 ريال و56 ألفا و500 ريال، أو ما بين 134 دولارا و15 ألف دولار، داخل علبـــــة منتج لا تتجاز قيمته 189 ريال أو 50 دولارا، بطريقة عشوائية، وبما إجماله مليـــــون ريال أو267 ألف دولار، والتصرف السابق ينطوي على تضليل وتلاعب بمشاعر الناس، مع احتمالية استخدامه كبوابة مريحة لغسل الأموال ودعم الأنشطة المحذورة، وأهل التسويق يعتقدون بأن المستهدفين بالمسابقات التجارية، لا يحصلون إلا على 15% من إيراداتها، فيما تذهب الـ75% لجيوب القائمين عليها، والحادثة السابقة اعتبرتها وزارة التجارة في حكم جوائز اليانصيب المحرمة، ووعدت باتخاذ الإجراءات النظامية تجاه المتورطين فيها.
التسويق الإلكتروني بأشكاله المختلفة، بما فيه المسابقات الرمضانية أو التجارية، تكون أرباحه في المتوسط خمسة دولارات مقابل كل دولار، وجـــزء كبير من الشركات في المملكة، يوزع ميزانيته الإعلانية على أربعة أمــــور، الأول: التسـويق الإلكتروني، والثاني: المــؤثرون، والثالث: اللافتات الإعــــلانية في الشوارع، والرابع: الرعايات، وترتيبها تم بحسب أهميتها لهم، ويجوز أنهم يعملون وفق مبدأ تسويقي ابتكره خبير البيع الأميركي جو جيرارد، الذي دخل موسوعة غينيس للارقام القياسية، بوصفه أفضل بائع سيارات في العالم، بعد أن استطاع بيع 1425 سيارة في عام 1973 بمفرده، وجيرارد صاحب ما يعرف باسم (قانون الـ250) والذي يرى فيه أن الدوائر الاجتماعية الحقيقية لكل إنسان، لا تتجاوز 250 شخصاً، من الأصدقاء والأقارب والجيران وزملاء العمل، وخلق انطباع جيد أو سيء لديه، سيصل إليهم بالتأكيد ويؤثر في قراراتهم، وأتصور أن مؤثري السوشال ميديا يدخلون في القانون.
الدليل على السابق، وجود مواقع على الإنترنت يستعين بها المؤثرون لتنظيم المسابقات على السوشال ميديا، وخصوصاً في رمضان، ويستطيع صاحب المسابقة التحكم فيها بالطريقة التي تناسبه، ويمكنه الاختيار والاستبعاد من بين الفائزين قبل الإعلان، ويحدث هذا في المسابقات الوهمية، وفيها يتم اختيار الاسماء مسبقاً، وتكون جوائزها مفبركة، وإن قدمت أدلة وقتية عليها، ويلجأ الموثرون إلى مسابقات الوهم الفردية، إذا لاحظوا تراجعاً في شعبيتهم، لاستعادة حضورهم القديــــم، للدعاية والتسويق لمنتجات يتربحون من ورائها، بتقديمها كهدايا شخصية للمتسابقين.
لا بد من محاسبة من يقوم بالتسويق للمسابقات المخالفة، وبالأخص المؤثرين على السوشال ميديا، بجانب تغريم الشركات وتحميلها المسؤولية، ومحاسبة الانتهازيين الذين يحاولون تسليع رمضان، وتحويله إلى مهرجان تسويقي، والتفعيل الحقيقي لأنظمة وزارة التجارة وإعادة صياغة بعضها، ومن الأمثلة، اشتراط الشراء للاشتـــراك في المسابقات التجاريــــة، فهنـــــاك مسابقات سحب رمضاني على سيارات، تشترط الشراء بمبلغ معين للدخول في السحب، والمسابقات التلفزيونية عن طريق الهـــــاتف، يكون الاشتراك فيها مقابل مبالغ تضاف لقيمة الدقيقة، تتقاسمها شركــــــات الاتصالات مع أصحاب هذه المسابقات، وكلاهما لا يمكن تطبيق النظام عليه، لأنه يشترط ربط الشراء بسلعة معينة، وبوجد شرط ملفت، يتمثل في أن الجائزة إذا كانت عبارة عن تذاكر سفر، فالواجب ألا تكون لوجهات خارج المملكة، وأتصور أنه جاء من باب دعم السياحة المحلية.




http://www.alriyadh.com/2067850]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]