القراشيع في حياتنا تملأ ما حولنا، نحتاج إلى همة، وقرار حازم للتخلص منها، وتنظيف حياتنا من متراكماتها لكي تصفو، ويصبح هواؤنا نقياً، ونسعد بالمفيد، ونبتعد عن اللغو، فإن اللغو كما فسره أهل التفسير هو ما لا نفع فيه دنيا، أو أخرى، فما بالكم بمن تعدى ذلك إلى أن يضر بنا أو يؤذينا..
في حياة كل منا ما يسمى بـ (القراشيع)، وهي كلمة عامية تعني الخردوات، أو الأشياء التي بَلِيت فلم يعد لها نفع، وكثيرون يحتفظون بهذه (القراشيع) حتى مع أنهم لم يستفيدوا منها لأشهر بل لسنوات.
وفي مستودعاتنا كثير من هذه (القراشيع) التي تملأ حيزا فيها دون نفع منها، هو شيء من خشية الحاجة إليها يوما ما، بعضها قِدر لا غطاء له، أو إبريق قد حطمت عوامل التعرية جوانبه، وأثرت في لونه، ودلّةٌ كساها الصدأ، وكرسيٌّ ليس له إلا رجل أو اثنتان، ومع هذا فإن ظن الحاجة إليه تجعله مركونا في مكانه يعلوه الغبار، وتعشش العناكب في زواياه!
وكثير منا في مكتبه أقلام لا تكتب، وأوراق قد انتهى مفعولها والحاجة إليها، ولو تفقد أحدنا مكتبه، أو مكتبته لوجد فيها ما يُفزِعه مما ينبغي له أن يكون في محرقة النفايات، لا في سلّتها.
هذه (القراشيع) المتمسك بها تصدق قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تعاسة عبدة الدينار والدرهم، والقطيفة والخميصة.
والمشكلة أن هذه (القراشيع) ليست مقصورة على مواد من الأثاث أو الممتلكات العينية، بل هي قد تكون من بني آدم، من الأقارب، أو الأحباب، أو الأصدقاء، والزملاء، بل قد تكون أحيانا من الأبناء.
ففي حياتنا مثلا أرقام تملأ ذاكرة الهاتف، منهم من توفاه الله، ومنهم من سُجّل رقمه ولم يُتصل به ولو مرة بعدها، ومنهم من أخفته الأيام فلم يعد يدري أين هو، ومنهم من غير رقم هاتفه، وفرقت الدنيا بيننا وبينه، ولم نعرف أنه غير الرقم، ولا ما أخباره، ولكننا ما زلنا نحتفظ برقمه وعنوانه أحيانا، بنفس العذر لعلنا نحتاج إلى الاتصال به يوما ما!
ومن بيننا معارف ربما جلبت صحبتهم لنا التعاسة، والضيق، والنكد، وربما كانوا من النمامين، أوالمغتابين، وممن يجروننا بالسلاسل إلى هاوية من الهموم، ومن السوء، فهم (قراشيع) تمشي على الأرض، لا أدري لم لا نتخلص منهم؟ ما الذي يجبرنا على التمسك بهم، ونحن نوقن أن ضررهم بيّن، وأن نفعهم معدوم!
إذن (فالقراشيع) في حياتنا تملأ ما حولنا، نحتاج إلى همة، وقرار حازم للتخلص منها، وتنظيف حياتنا من متراكماتها، لكي تصفو، ويصبح هواؤنا نقيا، ونسعد بالمفيد، ونبتعد عن اللغو، فإن اللغو كما فسره أهل التفسير هو ما لا نفع فيه دنيا، أو أخرى. فما بالكم بمن تعدى ذلك إلى أن يضر بنا، أو يؤذينا؟ فهيا بنا نبدأ سويا التخلص من هذه (القراشيع) حولنا، خاصة ونحن في مستهل أيام فضيلة قد سدت (القراشيع) أفق الاستفادة منها إلا عند من رحم الله، (وقليل ما هم).. هذا، والله من وراء القصد.




http://www.alriyadh.com/2067851]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]