بدأت الفجوة تتسع بين الاستثمار الفعلي والاستثمار اللازم لتلبية الطلب على النفط، منذ ذروة الاستثمار في عام 2014 وارتفاع أسعار النفط الى 107.9 دولارات، مما أدى الى استمرار تقلبات أسعار الطاقة وعدم استقرار أسواق النفط، والذي انعكس سلباً على المستهلكين والمستثمرين على السواء. إنها الحلقة المفرغة بين التقلبات والاستثمار والتي تشكل خطراً رئيساً في العقد الحالي وما بعده، حيث تؤدي التقلبات العالية في الأسعار إلى ضعف نمو الاستثمار وإلى تأجيج هذه التقلبات، لهذا أصبحت زيادة معدل الاستثمار في قطاع التنقيب واستخراج النفط ضرورياً لاستقرار أسواق النفط الآن ومستقبلاً. إن استمرار نقص الاستثمار يهدد أمن الطاقة على المدى المتوسط والطويل، بل إنه يبطئ من عملية التحول الى الطاقة المتجددة والنظيفة ويعرض البيئة الى المزيد من المخاطر.
إن الاستثمار في مجال النفط أصبح أقل من المستويات المرتفعة التي شهدتها السنوات الأولى من العقد الماضي، كما أدت فجوة الاستثمار إلى ارتفاع أسعار الطاقة وأزمة طاقة في عام 2022، بعد خروج الاقتصاد العالمي من جائحة كوفيد-19 وبدء الهجوم الروسي على أوكرانيا في 24 فبراير، مما أثار مخاوف نقص امدادات النفط ومواصلة الأسعار لارتفاعاتها، رغم أن الأسعار قد شجعت على زيادة الاستثمار في قطاع النفط مرة أخرى، حيث ارتفع الاستثمار في النفط إلى 307 مليارات دولار في عام 2022، ثم استقر عند 305 مليارات دولار في 2023، وذلك من أدنى مستوياته عند 270 مليار دولار في عام 2020، حسب ستاتستا (Statista) في 2024.
وبدأت النفقات الرأسمالية في مجال النفط والغاز تنحدر من ذروتها عند 900 مليار دولار في عام 2014 حتى وصلت الى أدنى مستوى لها في عام 2020 عند 300 مليار دولار خلال أزمة الجائحة، ولكنها عادت للارتفاع بنسبة 39 % إلى 499 مليار دولار في عام 2022، وهي أكبر زيادة تاريخية على أساس سنوي.
إن ارتفاع التكاليف وضمان توفر الإمدادات الكافية، يتطلبان زيادة الاستثمارات السنوية في مجال المنبع إلى 640 مليار دولار في عام 2030. وستكون هناك حاجة إلى استثمار 4.9 تريليونات دولار تراكمياً بين عامي 2023 و2030 لتلبية احتياجات السوق وتفادي أي نقص في معروض النفط، حتى ولو تباطأ نمو الطلب نحو الاستقرار، وفقاً لرؤى ستاندرد آند بورز للسلع العالمية في فبراير 2023.
وأوضح الأمين العام لمنظمة "أوبك" في 25 مارس 2024، أن قطاع التنقيب واستخراج النفط يحتاج إلى استثمار 11.1 تريليون دولار، بينما قطاع التكرير والتصنيع احتاج إلى استثمار 1.7 تريليون دولار، فيما يتطلب قطاع النقل والتسويق استثمار 1.2 تريليون دولار بحلول عام 2045. وهذه الاستثمارات ستوفر إمدادات نفط كافية لتلبية الطلب العالمي على الطاقة ودعم نمو الاقتصاد العالمي.
وأوضح الأمين العام أن أنصار البيئة والمطالبين بالحد من الاستثمارات في النفط، قد لا يدركون مدى أهمية المزيد من الاستثمارات في النفط، وأثر ذلك على أمن إمدادات الطاقة وخفض الانبعاثات الكربونية.
إن الواقع سيفرض نفسه، أما المزيد من الاستثمار في قطاع النفط والمحافظة على توازن أسواق النفط العالمية ودعم التحول المتدرج إلى الطاقة المتجددة وسلامة البيئة، أو أن تكون الأسعار العامل الأكثر حسماً في تحفيز الاستثمار في الطاقة، فعندما ترتفع الأسعار تتبعها الاستثمار، وبهذا ستبقى التقلبات الشديدة هي المعيار السائد في أسواق النفط العالمية.




http://www.alriyadh.com/2068151]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]