رغم انتشار ظاهرة العلاجات الشعبية على قنوات فضائية ومواقع التواصل الاجتماعي، وربما في الأسواق والمناطق الشعبية، إلا أن وتيرتها تتزايد، والأكثر من ذلك اكتظاظ أرفف المكتبات بالعديد من الكتب التي تحتوي على وصفات بأطعمة وأعشاب، ورغم زيادة الوعي المجتمعي، إلا أن هناك إقبالاً متزايداً مخيفاً على تلك الكتب، ومن يقدمون هذه الوصفات على الأرصفة والأسواق، إنها ظاهرة تدعو للقلق، وتستدعي وقفة جادة من الجهات الرسمية، ومواجهة علمية، وهنا أشدد على ضرورة أن تكون المواجهة علمية، وبلغة مبسطة دون تعقيد، أو استخدام مصطلحات علمية صعبة الفهم، ولن يستفيد منها العامة والبسطاء –مع كامل احترامنا للجميع– فالأمر جد خطير.
إن خطورة الأمر تكمن في وجود منطق عجيب ينتشر بين الفينة والأخرى، فهناك من يدافع باستماتة عن تلك الظاهرة، ويستخدمون منطقاً شعبوياً، يدغدغون به المشاعر، ومن أمثلة الردود التي تحتاج دراسة، قول بعض المدافعين، أن شركات الأدوية العالمية والإقليمية والمحلية، إضافة للصيدليات والأطباء في وزارة الصحة في معظم البلدان العربية والإسلامية، بدعوى خوفهم من لجوء المواطنين لتلك العلاجات الشعبية، ومن ثم تهديد مصالح شركات ومصانع الأدوية، إضافة لردود تلمس مشاعر البسطاء وتخاطب عقائدهم الدينية، عندما يقررون –باقتناع– أن الرافضين للعلاجات الشعبية، يرفضون عن قصد الطب النبوي الذي تنتشر كتبه في المكتبات، وتلقى قبولاً هائلاً، وتعاد طبعات الكتب، ورغم تشابهها في المحتوى نجد عناوين جديدة لمحتوى واحد يتم تداوله، ليؤكد لنا أننا أمام مشكلة وعي حقيقية، وربما قصور في الجانب التوعوي، مع أنني حرصت على مراجعة مناهج دراسية، ووجدت مواد علمية رائعة، مواجهة لهذا الفكر الشارد، ويجب أن تمتد المواجهة بجدية، لأن هناك على أرض الواقع وفي الأفق حملات ممنهجة لتشويه سمعة شركات الأدوية والمصانع، والصيادلة والأطباء، وإذا تجرأ أحد بالتشكيك في جدوى العلاجات الشعبية، فهو –بلا شك من وجهة نظرهم– يشكك في السنة النبوية، وهذا الفكر يقترب ويغازل الفكر الإرهابي، فالمختلف معهم مرتد وكافر؛ لذلك يلجؤون للتشكيك في دين وعقائد من يقترب منهم بالرأي.
أرى أن المضحك المبكي أن القائمين على تلك الأنشطة المضللة المتعلقة بصحة البشر وسلامتهم وأمنهم الدوائي والعلاجي، ليست لديهم خلفية علمية متخصصة في الطب أو الصيدلة أو حتى المجالات العلمية ذات الصلة، بالكيمياء والفيزياء، أو حتى الطب البديل، ولم يقوموا بإجراء أبحاث علمية على علاجاتهم الشعبية، ومدى سلامة الأعشاب التي تكون في الغالب سامة، وهذا هو المضحك، أما المبكي فأنهم يستندون على أبحاث لم يقوموا بها لإثبات فعالية علاجاتهم، التي تباع في محال العطارة أو فضائياً على قنوات تلفزيونية، وعبر مواقع إلكترونية وقنوات التواصل الاجتماعي، ويتعللون بذلك بأن وزارة الصحة ترفض علاجاتهم –الفعّالة من وجهة نظرهم– ومن ثم يعرضون بضائعهم على الفضائيات، أما المضحك المبكي فقولهم بأنهم يحتفظون بأسرار خلطاتهم الشعبية، خوفاً من استيلاء شركات الأدوية عليها، والمتاجرة بآلام البشر، وبالتالي هم من يحملون مفاتيح العلاج والأمن الدوائي للأمة.
إننا أمام مشكلة كبيرة، وهناك العديد من الأبحاث التي تؤكد أضرار معظم علاجاتهم، وأنها تحتوي على سموم، وبالتالي لم تحصل على ترخيص من هيئة الغذاء والدواء، ويجب أن تكون المواجهة مختلفة جيدة بسيطة وسهلة الفهم الإقناع.




http://www.alriyadh.com/2068370]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]