ربما لم يسمع البعض بمصطلح «البخل التضخمي»، بالرغم من تأثيره الضخم على القوة الشرائية للمستهلكين، فهو يعني ببساطة استبدال الشركات مواد الخام عالية الجودة، بأخرى رخيصة الثمن، بهدف خفض التكاليف، والأسوأ، أن هذا السلوك المعيب لا يظهر في إحصاءات التضخم بسبب صعوبة قياسه، وبهذا يظل قوة خادعة تفوت على المستهلكين الجودة المطلوبة، وعلى سبيل المثال، إذا كانت علبة المناديل تباع بنفس السعر، إلا أن بها عدد أوراق أقل، فهذا هو «الانكماش» الذي يظهر في البيانات باعتباره زيادة في تكلفة الوحدة، أما إذا كانت علبة المناديل الورقية بنفس الحجم، ولكنها أصبحت فجأة مصنوعة من مادة خام أقل، فهذا هو «البخل التضخمي»، الذي تعجز البيانات عن تدوينه ضمن معدلات التضخم.
لابد أن نعترف، أن هناك خللاً في طريقة التعامل مع متحورات التضخم، لأن البيانات تفشل في تحديد المدى الحقيقي للتضخم، حيث جرى العمل في معظم دول العالم على أن المنتجات الغذائية والمنزلية لا يتم تعديلها في بيانات التضخم بناء على تغيير الجودة، وإنما يجري تعديلها فقط، بناء على تغير الحجم والوزن، وهذا يعني أن التلاعب في الجودة أصبحت ملعباً كبيراً لاحتيال بعض الشركات في عصر التضخم، خصوصاً، وأنها تدرك أن تقليل الجودة يتم تفويته في بيانات أسعار المستهلكين، في المقابل، تعمل شركات أخرى على تقليص الكميات والأحجام المنتجات للإبقاء على نفس الأسعار، وهذه ممارسة قديمة وشائعة بين البائعين، الذين اعتمدوا هذه الاستراتيجية بهدوء خلال سنوات التضخم المفرط، لكن الجديد، هو أن غضب المستهلكين اليوم أصبح حاداً جداً تجاه هذه الحيل التسويقية.
الخبر الجيد، هو أن موظفو البيانات، الذين يراقبون تقليص الأحجام، اكتشفوا حالات أقل خلال عام 2023، مقارنة بالأعوام السابقة، والقاعدة أنه عندما تتقلص المنتجات ترتفع الأسعار، ولكن، حتى ولو لم يحدث تقليص كبير في الحجم، فإن تفشي هذا السلوك المعيب من قبل الشركات له تأثير كبير على بعض السلع الرئيسية، مثل المواد الغذائية، والحلويات، والمنظفات، وعلى سبيل المثال، فقد أضاف الانكماش خلال السنوات الأربع الماضية حوالي 3.6 نقطة مئوية للتضخم في بعض المنتجات الورقية والمنظفات والحلويات، ارتفاعًا من 1.2 نقطة مئوية، وبالنسبة للوجبات الخفيفة، فقد أضاف تقليص الأحجام 2.6 نقطة مئوية إلى الأسعار، وعموماً، فقد دفع الانكماش المتسارع زيادات الأسعار إلى مربع مختلف خلال السنوات الأخيرة.
في الغالب، تختار الشركات تقليص منتجاتها بدلاً من زيادة الأسعار لسبب بسيط، وهو أن المستهلكون يهتمون بالأسعار أكثر من الأحجام، وحتى إذا لاحظ الزبائن تخفيض الكمية، فإنهم قد يتقبلون ذلك على مضض، لكنهم لا يتسامحون أبداً مع ارتفاع الأسعار، وعلى سبيل المثال، عندما كانت شركة دانون الفرنسية، تبيع الزبادي في عبوات أكبر من منافستها شركة يوبليت الفرنسية، فإن المستهلكون ظلوا مقتنعين لسنوات طويلة بأن زبادي دانون أغلى من زبادي يوبليت، ولم ينتبهوا إلى حقيقة أنه كان أكبر حجماً، ومع تراجع المبيعات، اضطرت «دانون» إلى تقليص عبواتها حتى تبيع بنفس سعر منافسيها، والواقع، أنه يجب على الشركات رد الجميل للمستهلكين الأوفياء لعلاماتهم التجارية في سنوات الأزمة، فقد استجابوا لتمرير الزيادات السعرية بعد ارتفاع تكاليف المواد الخام، بالرغم من أن بعض خبراء التسعير فضلوا تقليل الأحجام على زيادة الأسعار، ومع ذلك، يجب أن تدرك الشركات بشكل عاجل أن المستهلكون الآن لا يجدون مبرراً للاستمرار في تقليص الأحجام مع تراجع التضخم.




http://www.alriyadh.com/2068785]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]