تهفو قلوب المسلمين في كل بلاد العالم لزيارة أطهر بقاع الأرض؛ لأداء مناسك الحج أو العمرة، واستعداداً لتلك الأعداد من ضيوف الرحمن، تقوم المملكة بجهود كبيرة لتنظيم رحلة المشاعر المقدسة، وتوفير أعلى معايير الأمن والسلامة والتيسير، والسرعة في الإنجاز، فما أغلاها من رحلة روحية مقدسة، يحمل أمانتها قادة حملوا على عاتقهم تلك المسؤولية الكبيرة، وبذلوا كل غالٍ ونفيس؛ ليقدموا لضيوف الرحمن ما يستحقون من خدمات في رحاب البيت الحرام والمسجد النبوي.
لقد اكتسبت المملكة مكانة عالمية أبهرت المجتمع الدولي في إدارة الحشود بكفاءة واحترافية في التعامل مع هذه الأعداد الكبيرة البشرية في مناطق محددة وأيام معينة في الحرم المكي ومحيطه، والمدينة المنورة، إضافة لمنظومة الضيافة من فنادق، وطرق ومواصلات، مما جعل وزارة الداخلية تقوم بجهود غير عادية للقيام بمسؤولياتها؛ لذلك طوّعت التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي لخدمة المعتمرين؛ للتنبؤ بالكثافات المحتملة للمسجدين الحرام والنبوي الشريف، والتعامل معها بسرعة وكفاءة، مع توفير عناصر الأمن والسلامة، ومواجهة التجاوزات، وحل المشكلات، وفك التكتلات البشرية في الطرق، والتحول السريع في تنفيذ الخطط البديلة لزيادة الأعداد في أدوار الحرم التي يستخدمها المعتمرون، مع تسهيل حركتهم إلى منطقة المطاف في الطابق الأرضي وأجزاء من السطح، كل ذلك مع التنسيق مع الإدارات المختلفة في إدارة المرور وخطط تنظيم الحشود، حيث يدار الحرم من خلال محطات النقل العام الخارجية.
ومما يدعو للفخر الكوادر البشرية في الأجهزة الأمنية واستخدامها التقنيات والذكاء الاصطناعي في إدارة الحشود، لمعرفة أعداد الموجودين في «صحن المسجد الحرام»، وأعداد القادمين من الخارج، وكذلك تسهيل الوصول إلى المنطقة المركزية وتخفيف ازدحام الحركة المرورية للحافلات المخصصة لنقل الضيوف من وإلى منطقة الحرم المكي الشريف.
ويحظى شهر رمضان المبارك في كل عام باهتمام وتركيز شديدين لما له من مكانة في قلوب المسلمين، وزيادة الحشود؛ من أجل مواجهة الزيادة المرتقبة للمعتمرين من الخارج والداخل، والمصلين في المسجد الحرام، خاصة في العشر الأواخر من الشهر الكريم، فوضعت الأجهزة الأمنية خططها وبرامجها لهذه الأيام، التي تعتمد على 5 محاور رئيسية، تتضمن الجانب الأمني، وإدارة وتنظيم الحشود، وإدارة الحركة المرورية، وتقديم الخدمات الإنسانية، ودعم وتمكين الجهات الخدمية الأخرى.
ولا يمكن أن تنجح المنظومة دون وجود خطوط طيران على أعلى مستوى من الجودة والانتظام، إضافة للمنافذ البرية والبحرية والجوية، والتدريب للكوادر الوطنية، وهذا ما تقوم به المديرية العامة للجوازات من خطط تطويرية وتدريبية لمنسوبيها في المنافذ البرية والبحرية، وصالات المطارات؛ للتعامل باحترافية عالية مع القادمين، وتأهيل كوادرها لاستخدام التقنيات الحديثة في التعامل مع أكثر من 160 جنسية، ووصلت نسبة الإنجاز لمراحل غير مسبوقة عالمياً، بحيث لا تتجاوز مدة تسلم جواز السفر ومطابقته مع حامله، والتأكد من سلامته والتأشيرات، وإنهاء الإجراءات في المنافذ، لمدة لا تتجاوز 10 ثوانٍ في الظروف الطبيعية، وكذلك تخصيصها كاونترات لاستقبال المعتمرين بأكثر من 10 لغات، وتوفير أجهزة ثنائية اللغة بـ(137) لغة، وكاونترات متنقلة لخدمة الحالات الطارئة والإسعافية.
تلك المنظومة المتناغمة تأتي ضمن جهود "وزارة الحج والعمرة" في تمكين المزيد من المسلمين للقدوم إلى المملكة لأداء مناسك العمرة والزيارة، وتسهيل إجراءات وصولهم إليها، إضافة إلى رفع جودة الخدمات المقدمة لهم، تحقيقًا لمستهدفات رؤية السعودية 2030، ومنها أيضاً إصدار التأشيرات الإلكترونية للقادمين من الخارج، والتنسيق مع الشركات التي تقدم الخدمات داخل وخارج المملكة، لتيسير الإجراءات؛ لتصبح الرحلة المقدسة أكثر متعة، ويتم تدوينها في ذاكرة الزائر.
إن تلك المقدمات ما هي إلا مؤشرات للنجاح، الذي يتمثل في زيادة أعداد المعتمرين خلال 2023 إلى رقم قياسي بلغ 13.55 مليون معتمر، ومن المنتظر أن يحقق موسم هذا العام 2024م أرقاماً تاريخية تؤكد على صدق المساعي من القيادة الحكيمة؛ لتسهيل دخول المعتمرين من كل بلدان العالم، وتوفير البنية التحتية التي تتناسب مع تلك الحشود بتكلفة تجاوزت 5 مليارات ريال، وتطوير منظومات الطرق والنقل والضيافة، وتوسيع دائرة الشركات التي تقدم خدماتها للحجاج والمعتمرين، وكذلك القيام بزيارات لدول العالم للتنسيق مع الشركاء في القطاعات الحكومية والخاصة، مما كان لها الأثر في تسهيل وتحسين الإجراءات والتوافق على مواجهة التحديات.. فمن قلب الصعوبات يولد الإنجاز.





http://www.alriyadh.com/2068926]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]