لغرض إعادة بناء مجتمع خالٍ من الفساد انضمت المملكة إلى الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (172) وتاريخ 02 / 06 / 1433هـ وموافقة المقام السامي بالمرسوم رقم (م/36) وتاريخ 02 / 06 / 1433هـ وجاء في ديباجتها «إن التصدي للفساد لا يقتصر دوره على السلطات الرسمية للدولة وإنما يشمل أيضاً الأفراد ومؤسسات المجتمع المدني التي ينبغي أن تؤدي دوراً فعالاً في هذا المجال»، وقامت المملكة بتعزيز التدابير الرامية إلى الوقاية من الفساد وسائر الجرائم المتصلة به وملاحقة مرتكبيها وتعزيز التعاون العربي على الوقاية من الفساد ومكافحته وكشفه بكل أشكاله، وتشجيع الأفراد ومؤسسات المجتمع المدني على المشاركة الفعالة على منع الفساد ومكافحته؛ فضلاً عن أن انضمام المملكة إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والمصادق عليها بالمرسوم الملكي رقم (م/5) وتاريخ 11 / 03 / 1434هـ.
وكان قد صدر قرار مجلس الوزراء رقم (165) وتاريخ 28 / 05 / 1432هـ بالموافقة على تنظيم الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والتي تهدف إلى حماية النزاهة وتعزيز مبدأ الشفافية، كما صدر الأمر السامي رقم (41043) بتاريخ 16 / 08 / 1439هـ بشأن التأكيد على الجهات بعدم اتخاذ إجراءات تأديبية بحق أي موظف أو المساس بأي من حقوقه أو ميزاته الوظيفية بسبب تقديمه بلاغاً للجهات المختصة عن ممارسات فساد مالي أو إداري والرفع عن أي جهة حكومية تقوم بمخالفة ذلك.
هذا وقد صدر الشهر الماضي المرسوم الملكي الكريم رقم (م/148) في 08 / 08 / 1445هـ بالموافقة على نظام حماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا والذي تكفل بحماية المشمولين بالنظام مما قد يتعرضون له من خطر أو ضرر متضمناً دعم ميزانية النيابة العامة لتنفيذ هذا الأمر، وجاء فيه أن على جهات الرقابة والضبط والتحقيق في الجرائم المشمولة بأحكامه أن تخفي عند الاقتضاء أو بناءً على طلب المبلغ أو الشاهد أو الخبير أو الضحية في مراسلاتها وفي محاضرها وجميع وثائقها هوية كل منهم وعنوانه بشكل يحول دون التعرف عليه، كما أوجب النظام على المحكمة اتخاذ تدابير خاصة أثناء إجراءات التقاضي لحماية المشمولين بالنظام في حال توفر ما يبعث على الاعتقاد بإمكان تعرض أي منهم لخطر ولها عند الاقتضاء تغيير الصوت والصورة لحمايتهم، وللمحكمة سماع الشهود ومناقشة الخبراء بمعزل عن المتهم ومحاميه دون الكشف عن هوية من أدلى بها، ولها إذا رأت أن كشف هوية أحدهم ضرورياً لممارسة حق الدفاع وكانت الشهادة أو الإفادة وسيلة الإثبات الوحيدة في القضية أن تأذن بالكشف عن هويته بشرط توفير الحماية الضرورية ومنها الحماية الأمنية وإخفاء البيانات الشخصية ونقله من مكان عمله مؤقتاً أو دائماً ومساعدته على الحصول على عمل بديل إذا تعرض لترك عمله وتقديم الارشاد النفسي والقانوني والاجتماعي وغيرها الكثير، كما بيّن النظام أن بيانات المشمولين بالحماية سرية ولا يجوز الإفصاح عنها إلاّ وفقاً لما ورد فيه وحظر على أي شخص الكشف عن هويتهم أو إلحاق الضرر بهم إلى غير ذلك من إجراءات الحماية لهم على التفصيل الوارد في النظام ما لم ترَ المحكمة أن كشف الهوية يعتبر ضرورياً، وقد حظر اتخاذ إجراء وظيفي ضد المشمولين بالحماية مثل إنهاء خدماته أو تغيير مركزه الوظيفي أو الإداري أو الإنقاص من حقوقه أو تشويه سمعته أو إجراء وظيفي تعسفي أو دعوى أو عقوبة تأديبية، كما تتحمل الدولة كلفة علاج من يتم الاعتداء عليه من المشمولين بالحماية.
وتضمن النظام عدد من العقوبات على مخالفيه بالسجن والغرامة أو بإحداهما على نحو يحقق الردع العام لكل من تسول له نفسه مخالفته كاستعمال القوة أو العنف تجاه المشمول بالحماية، أو تهديد المشمول بالحماية أو ابتزازه أو تقديم له عطية أو منفعة أو ميزة أو وعده بها، أو إعاقة تقديم الحماية للمشمول بالحماية أو الامتناع عن تقديمها إذا كان النظام يلزمه بذلك، أو اتخاذ ضد المشمول بالحماية أيّاً من الإجراءات الوظيفية المنصوص عليها في النظام.
ومما تقدم يتضح جلياً مدى حرص المنظم على إزالة أسباب الفساد بأن وفر الحماية النظامية للمشمولين بأحكامه؛ لذا سيمكنهم النظام من الإبلاغ عن المخالفات المكونة للفساد دون خوف أو تردد من ردود الأفعال على بلاغاتهم وشهاداتهم التي يدلون بها لكشف مواطن الفساد، كما لم يغفل النظام ضمان عدم إساءة استخدامه سواء بالبلاغ الكيدي أو شهادة الزور أو إبداء الخبير إفادة غير صحيحة أو بها إهمال جسيم؛ فقد أجاز النظام إقامة الدعوى الجزائية ضد المبلغ أو الشاهد أو الخبير إذا ثبت ارتكابه لأي من الحالات المذكورة، إضافة إلى تحميل المشمول بالحماية جميع النفقات التي دفعت لتوفير الحماية له إذا ثبت عدم صحتها كما سلف بيانه.




http://www.alriyadh.com/2069162]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]