إنَّ على أبناء الأردن الكرام المحافظة على أمنهم الوطني، وسلمهم الاجتماعي، ونظامهم السياسي، واستقرار دولتهم الكريمة، والوقوف صفاً واحداً مع قيادتهم السياسية، والحذر من المؤامرات الخبيثة الهادفة لتدمير مجتمعهم ووحدتهم الشعبية، وإسقاط دولتهم، حتى تُصبح موطناً للمليشيات والتنظيمات والجماعات المُتطرفة والإرهابية..
مَثَّلَ الـ 7 من أكتوبر 2023م بداية مرحلة جديدة من مراحل التحريض المُتواصل ضِد النّظام السياسي في الأردن، مُتخذاً من الأحداث المأساوية التي يمُر بها قطاع غزة بسبب العدوان الإسرائيلي سبباً ومُنطلقاً له. وهذا التحريض العنيف والمُتصاعد اتخذ أشكالاً ومسارات وطرق، أهدافها جميعاً تتمثل بتشويه صورة قيادات ورموز النظام السياسي الأردني على مختلف مستوياته، وإثارة وإشعال العاطفة الشعبية لدى أبناء الأردن ضد نظامه السياسي، وتأليب وتهييج الرأي العام الأردني ضد قرارات وتوجهات قيادته السياسية، وتشجيع وحث الشارع الأردني للخروج للشارع وتجاوز النظام العام، والسعي للوقيعة وبث الفتنة بين أبناء الأردن وقيادته السياسية، والطعن والقدح في كفاءة وتوجهات وولاءات مسؤولي الدولة الأردنية تجاه دولتهم وتجاه القضية الفلسطينية، وتزيين المُستقبل المنظور في أعين الشارع الأردني بالشعارات العاطفية والوهمية والمُضللة بحياة أفضل حال نجاحهم في تغيير وإسقاط نظامهم السياسي. وإذا كانت أهداف التحريض متعددة ومتنوعة وذات مستويات مختلفة، فإن غايته الرئيسة بث الفوضى والاضطراب والفتنة المُهلكة بين أبناء المجتمع الأردني، وزعزعة أمن وسلم واستقرار ووحدة صف المجتمع الأردني، وإسقاط النظام السياسي والدولة الأردنية حتى تصبح موطناً للمليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية والجماعات المتطرفة. نعم، هذا هو المستقبل الذي يُراد للشعب الأردني، وللنظام السياسي الأردني، وللدولة الأردنية، من أولئك المُحرضين المُتطلعين لِبسط نفوذهم في أرض عربية جديدة، والسَّاعين لإسقاط مزيد من العواصم العربية، والهادفين لاِستعباد الشعوب العربية واستنزاف قدراتهم وسرقة ثرواتهم وخيرات أوطانهم. وإذا كان هؤلاء المُحرضون يُوظفون الأموال الطائلة لتجنيد الأتباع والجواسيس، ووسائل الإعلام المختلفة لتجييش الشعوب، والدعاية السياسية المُضللة لبث الفتنة بين الشعب ونظامه السياسي، فإنهم يستخدمون العُملاء والخونة والمُرتزقة لتنفيذ مخططاتهم الهدَّامة من خلال دعمهم وتمويلهم وتدريبهم على بناء وتأسيس تنظيمات وجماعات ومليشيات في المجتمعات المُستهدفة، ولتكون أداة جاهزة للتنفيذ متى طلب منها النظام السياسي الذي بناها وموّلها ودرّب عناصرها. نعم، إن استهداف وحدة الصف الأردني، وأمن وسلم المجتمع الأردني، والنظام السياسي والدولة الأردنية، أمرٌ ليس بالجديد، ولكن تصاعده الكبير في المرحلة الراهنة مسألة تدعو للتفكر فيمن يقوم بذلك، وماهية العمل لمواجهة هذا التحدي المُتصاعد، والحذر من مخاطر الصمت والسكوت على أدواته الكامنة. فإذا كان الأمر كذلك، فإننا أمام تساؤلات غاية في الأهمية والتي تتمثل في: من الذي يحرض ضد الأردن؟ وما أدواته؟ ولماذا تصاعد التحريض بعد الـ7 من أكتوبر 2023؟
نعم، إننا نستطيع القول وبشكل مُباشر إن المحرض الرئيس ضد الشعب الأردني، والمجتمع الأردني، والنظام السياسي الأردني، يتمثل أولاً في النُظم السياسية المُتدخلة في الشؤون والسياسات العربية، والمُمولة للتنظيمات والمليشيات والجماعات الإرهابية والمُتطرفة، وبشكل أساسي النظام السياسي الإيراني، كما يتمثل ثانياً بالأدوات الإيرانية المتعددة من مليشيات وتنظيمات وجماعات في العراق وسورية ولبنان واليمن، وبعض الفصائل الفلسطينية، التي تعلن ولاءاتها وتبعيتها المطلقة للنظام السياسي الإيراني. فإذا أدركنا من المُحرض الرئيس، وما أدواته الفاعلة سلبياً في المنطقة، فإننا نُدرك حجم الاستهداف للسلم والاستقرار الأردني، ومدى خطورته على الشعب والمجتمع والدولة الأردنية. نعم، فمُنذُ الـ7 من أكتوبر 2023م، تكالب الأعداء على الشعب والمجتمع والدولة الأردنية مُستغلين المأساة العظيمة التي حلت على الأبرياء في قطاع غزة، وموظفين الآلام والمعاناة والجراح ومشاهد التدمير الشامل لقطاع غزة، لتحريض الشارع الأردني، وتعبئته بالشعارات العاطفية، ليخرج على القانون ويدمر أمنه وسلمه واستقراره الاجتماعي والسياسي. نعم، تكالب أعداء الشعب والمجتمع الأردني عليه وعلى وحدته وأمنه واستقراره بتنسيق ظاهر، ولغة موحدة، ووقت متفق عليه، ابتدأها ذلك المتحدث المُتخفي المدعو «أبو عبيدة»، الذي يعرف نفسه، أو يدعي، بأنه الناطق الرسمي باسم «كتائب القسام»، بدعوته الشعب الأردني للخروج للشارع والتجمهر بشكل غير قانوني لدعم المقاومة وإرهاب العدو الإسرائيلي. وهذه الدعوات والمناشدات المتكررة التي أطلقها هذا المتحدث المتخفي، غير معروف الهوية، ليست إلا دعوات مُضللة وكاذبة هدفها إثارة الشعب الأردني ضد نظامه السياسي الذي يتم إظهاره وكأنه لم يفعل شيئاً لنصرة أبناء غزة والدفاع عن حقوقهم المشروعة في وجه الاحتلال الإسرائيلي. وفي الوقت الذي يتكرر ظهور هذا المتحدث المتخفي، تقوم وسائل الإعلام التابعة للنظام السياسي الإيراني، ولأدواته بالمنطقة، بالتسويق المُكثف لهذه الخطابات المتكررة لعلها تؤثر سلباً بالشارع الأردني، وفي الوقت نفسه تعمل وتسعى جاهدةً على تشويه صورة النظام السياسي الأردني وقيادته ومسؤوليه. وبالإضافة لهذه الأداة المأجورة، تتحرك الأدوات الأخرى التابعة للنظام السياسي الإيراني لتحريض الشعب الأردني عبر تحركاتها الكاذبة، وادعاءاتها الباطلة بأنها تقف لجانب قطاع غزة والوقوف مع أبنائه ضد الاحتلال، بينما هي تعمل على عكس ذلك تماماً حيث وظيفتها الرئيسة والمتمثلة بتنفيذها لسياسات إيران في أماكن وجودها. وفي الوقت الذي تعمل فيه هذه الأدوات العميلة لإيران بتنسيق كامل، تخرج قيادات حماس إعلامياً لتواصل تحريض الشارع الأردني على الخروج والتظاهر ومُناصرة قطاع غزة حتى وإن كان على حساب أمن وسلم المجتمع الأردني واستقرار نظامه السياسي. ولكي تتأكد التبعية والأهداف المرسومة، نجد قادة حركة حماس يذهبون لمقابلة المُرشد الأعلى للنظام السياسي الإيراني في زيارتين متتالتين مُنذُ بدء أزمة قطاع غزة الحالية، حيث جاءت الزيارة الأولى في 16 نوفمبر 2023م، وجاءت الزيارة الثانية في 26 مارس 2024م، مما يؤكد المؤكد ويزيل الشكوك أن هذه السياسات التحريضية ضد الشعب والمجتمع والدولة الأردنية مصدرها الرئيس النظام السياسي الإيراني، وأدواته التابعة من المليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية والجماعات المتطرفة المنتشرة في المنطقة.
وفي الوقت الذي تتصاعد فيه الحملات التحريضية، والمُؤامرات الخَبيثة، لتقويض أمن وسلم المجتمع الأردني، وزعزعة استقراره السياسي، يأتي موقف المملكة العربية السعودية مُناصراً للدولة الأردنية ونظامها السياسي، وداعماً لأمن وسلم واستقرار ووحدة صف المجتمع الأردني. وإذا كانت المواقف السياسية الدَّالة والمُؤكدة على صلابة مواقف المملكة العربية السعودية مع الدولة الأردنية، فإن المُحادثة الهاتفية، التي تمت بين سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز –حفظه الله– والملك عبدالله الثاني ابن الحسين، وأشارت لها واس في 4 أبريل 2024م، تُجدد التأكيد على أن المملكة العربية السعودية تقف دائماً مع أمن وسلم واستقرار الأردن ونظامه السياسي، حيث جاء فيها الآتي: «أجرى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، اتصالاً هاتفياً، بجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية. وعبر سمو ولي العهد، خلال الاتصال، عن دعم المملكة فيما تتخذه الحكومة الأردنية من إجراءات للحفاظ على أمن الأردن واستقراره، مؤكداً سمو ولي العهد على وقوف المملكة مع الأردن الشقيق في هذه الظروف. وأعرب جلالة ملك الأردن عن التقدير لموقف المملكة الداعم لأمن واستقرار الأردن.».
وفي الختام، من الأهمية القول إنَّ على أبناء الأردن الكرام المحافظة على أمنهم الوطني، وسلمهم الاجتماعي، ونظامهم السياسي، واستقرار دولتهم الكريمة، والوقوف صفاً واحداً مع قيادتهم السياسية، والحذر من المؤامرات الخبيثة الهادفة لتدمير مجتمعهم ووحدتهم الشعبية، وإسقاط دولتهم، حتى تُصبح موطناً للمليشيات والتنظيمات والجماعات المُتطرفة والإرهابية. نعم، إن أبناء الأردن الكرام عليهم مسؤولية عظيمة في تعزيز وحدتهم الاجتماعية والسياسية والأمنية بالوقوف صفاً واحداً مع نظامهم السياسي، وقيادتهم الكريمة، ليكونوا بذلك مثالاً تحتذي به الشعوب العربية التي تتعرض للمُؤامرات الخبيثة، وصورة زاهية للمجتمع العربي الأصيل القادر على مواجهة دعوات التضليل بِحكمة عالية وذكاء مُتقِد.




http://www.alriyadh.com/2069446]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]