بخطوات هادئة ومدروسة، تنطلق المملكة في قطاع التعدين نحو آفاق واسعة، وفق تطلعات رؤية 2030 التي استشعرت أهمية القطاع في تحقيق أحد أهدافها الرئيسة، وهو تنويع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد على دخل النفط، الذي أثبتت الأحداث السياسية والاقتصادية، أنه متذبذب ومتغير، والتعويل عليه خطأ كبير.
وخلال السنوات الماضية، كان هناك اهتمام كبير بقطاع التعدين السعودي، الذي قررت المملكة تطويره والنهوض به، ليكون البديل لقطاع النفط، فضلاً عن اعتباره ركيزة أساسية، تنطلق منها منظومة الصناعة السعودية، وذلك بعدما استشعرت الرؤية أهمية الصناعة، لتكون ورقة رابحة، يمكن الرهان عليها في النهوض بالاقتصاد الوطني، بجانب أوراق النفط والغاز والبتروكيماويات، يضاف إلى ما سبق، جذب استثمارات الشركات العالمية التي تعتمد على المعادن، مثل شركات صناعة السيارات الكهربائية وشركات تصنيع البطاريات وغيرها.
وفي إطار الاهتمام الرسمي بقطاع التعدين، تولي المملكة - على سبيل المثال - أهمية قصوى باستخراج معدن الليثيوم، عبر شركة «أرامكو» من المياه المالحة، وذلك في الحقول النفطية التابعة لها، وتستطيع المملكة الاستفادة من خبرتها المتراكمة في التعامل مع المياه المالحة في مواقع إنتاج النفط، بما يتماشى مع الجهود المبذولة لتنويع اقتصاداتها والاستفادة من التحول إلى السيارات الكهربائية.
ضخامة قطاع التعدين السعودي، ومستقبله المزدهر، لخصها نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية، خالد المديفر، عندما قال بعبارات مباشرة: إن طموح المملكة يتمثل في استخراج أكثر من 2.5 تريليون دولار من المعادن الموجودة في ترابها، وهذا يشير إلى أننا أمام قطاع استثنائي، سيكون امتداداً لقطاع النفط، الذي ظل بمثابة العمود الفقري لاقتصاد المملكة طيلة عقود ماضية.
يجب أن نضع في الاعتبار أن هذا الرقم الذي ذكره المديفر، يغطي الموارد القابلة للاستغلال اقتصادياً، بالتكنولوجيا الحالية والبنية التحتية الحالية، في إشارة واضحة إلى إمكانية تجاوز هذا الرقم ومضاعفته، في حال التوصل إلى تكنولوجيا أكثر تطوراً في استخراج المعادن من باطن الأرض، أو تطوير البنية التحتية للشحن، وأسعار السوق، ما يعني إننا أمام قطاع قابل للتطوير والتعديل، بحسب المستجدات الداخلة عليه.
في هذه الأثناء، علينا ألا نغفل تأثير قيام المملكة بإنشاء صندوق المنارة للمعادن، للنهوض بالقطاع، والصندوق مشروع مدعوم من الدولة، يهدف إلى زيادة وصول المملكة إلى المعادن في جميع أنحاء العالم، وربما المساعدة في نقلها إلى منشآت المعالجة في المملكة، وانصب التركيز بداية على الاستحواذ على حصة قدرها عشرة بالمائة في شركة فرعية تركز على النحاس والنيكل تابعة لشركة التعدين البرازيلية العملاقة (فالي).
الاهتمام بقطاع التعدين الآن وبهذه الكثافة، جاء عوضاً عن فترات لم ينل فيها القطاع الاهتمام الكافي، وذلك - حسب اعتقادي - الاهتمام الكبير بقطاع النفط والاستثمارات الضخمة فيه، الأمر الذي جعل المملكة أكبر منتج للنفط في العالم، ولا أستبعد أن تكون المملكة من أكبر المنتجين للمعادن في العالم، بعد أن يثمر القطاع بنتائجه المتوقعة، يساعد على ذلك وجود احتياطات معدنية إضافية بالمملكة، بقيمة تريليونات الدولارات في أراضيها.




http://www.alriyadh.com/2070117]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]