دار حوار مع مجموعة من الأصدقاء حول دور وتأثير البرامج الحوارية التي يقدمها بعض الإعلاميين السعوديين وما مدى صداها وكذا تأثيرها محلياً وعربياً، ولكي نقف على حقيقة هذا الجهد الإعلامي الكبير الذي أراه متقدماً حد الوقوف في الصف الأول قياساً بمثيلاتها في الإعلام العربي وأنها تجد امتداداً أفقياً واسعاً، وقبل أن أتحدث عن هذا العنوان من خلال مناقشة هادئة ومحايدة وكذا منصفة لنقف سوياً على واقع الحال حول تلك البرامج وتداعياتها وسعة ذيوعها وانتشارها، قبل أن أبدأ أود في عجالة أن أشير إلى جهود مماثلة للإعلام السعودي فقد وفقت من فترة غير قصيرة في كتابة مقالة بعنوان (المحدث الرسمي تجليات في عناوين الوطن)، فالمتحدث الرسمي في المملكة على اختلاف جهته يظهر بصورة مشرقة ومشرفة في الحديث عن قضايا مختلفة ومتعددة وهو أحد وجوه الإعلام والمرآة الحقيقية التي تعكس وقع إيقاع الأحداث التي تمر بها المملكة كجزء من هذا العالم، وقد أشرت في المقالة إلى أن تلك المؤتمرات تضع المتلقي على دراية ووعي وبكل شفافية ووضوح وتكشف بجلاء عن الماضي والراهن وتتعدى إلى المستقبل وبالتالي يثبت المتحدث من خلال صوته مدى حضوره الإعلامي، فالمتحدث حاضر في موضوعه وبعمق، الأمر الذي يعكس الوعي والحس الثقافي والمستوى المعرفي، فالجماهير اليوم ترغب في طرح واقعي ومنطقي وعقلاني، ومن هذه المنطلقات فالمتحدث الرسمي كان يبني معلوماته على جملة من الدراسات والإحصاءات الدقيقة والأحداث التي يستمدها من أرض الواقع في هذا الاتجاه ما يعني أن هناك علاقات ممتدة وتحضيراً مسبقاً تحضر فيه لغة الأرقام والصورة والمتغيرات الطارئة والعادية بكل سيناريوهاتها المحتملة وفق منهج إعلامي دقيق، ويكفي أن نأخذ مثالاً واحداً لندلل على الدور الفاعل للإعلام السعودي، فالمؤتمر الصحفي أيام انتشار الوباء المرضي (فايروس كورونا) الذي عم العالم وأسدل ظلام الخوف ونشر حالة من الرعب، حينها كان كل العالم ينظر مشرئباً ومنصتاً صوب القنوات السعودية ليستمع لإيجاز الدكتور محمد العبد العالي الناطق الرسمي بلسان المواجهة لوزارة الصحة السعودية، حينما كان لساناً يخفف بعض الهموم ويفسح آفاقاً للأمل بأن غداً سيكون أفضل وأن الغمة يوماً ما ستنجلي وسيبزغ من ظلمة الليل ضوء الفجر، وكان يفتح نوافذ لبصيص الضوء القادم من آخر النفق ليبدد عواتم الظلمة بإشراقة أنوار الأمل وبرجاء في الله لا ينقطع، بخلاف الإعلام الذي استسلم للواقع، أو من كان يردد صوت الذعر والفجيعة والاستعداد للموت الجماعي من الإعلام العربي والعالمي مع استعراض لصور القبور المفجعة ومواكب الجنائز في عناوين تغطياتهم الإعلامية ومؤتمراتهم الصحفية، أما فيما يتعلق بالبرامج الحوارية عنوان مقالي هذا اليوم، فإنني أرى أن البرامج الحوارية في الإعلام السعودي ناجحة ومتميزة ورائدة، وما يبرر قولي هذا هو أنها تناقش بعمق قضايا مختلفة ومتعددة، ما يحفظ لها تميزها عربياً أنها تسعى إلى تحقيق توازن في برامجها المطروحة مع كل الأطياف الثقافية والفكرية والاقتصادية والسياسة والاجتماعية، والمشاهد العربي يجد فيها امتداداً طبيعياً لتطلعاته، ومن خلالها يقف على واقع التاريخ والجغرافيا، وإن ما يتداول عبر تلك البرامج يلامس القضايا القومية والجوانب الإنسانية والتداعيات الفكرية في الساحة العربية، واليوم بات المشاهد العربي حاذقاً فطناً لا يقبل البقاء آخر الركب أو منسرباً خلف القطيع، والمملكة تلتقي بعمق في هذه القضايا ليس على مستوى الوطن العربي بل مع أغلب دول العالم على الأقل في الجوانب الإنسانية والاقتصادية والسياسية، وإن الطرح في تلك البرامج فيه مكاشفة عن الوقائع والأحداث، وهذه الشفافية هي ما جعلت البرامج الحوارية ذات ذيوع واسع، وتُتابع من قبل الجماهير العربية في أصقاع الأرض، وتأكيداً لذلك لو أخذنا أحد مقدمي تلك البرامج في استفتاء عربي نجد أنه معروف وحاضر في ذهن المشاهد العربي، وما عزز هذا الحضور في ذهن المشاهد إلا تلك البرامج الحوارية بحضورها الوافر كونها لامست جل أوضاعه، في المقابل لو أخذنا قياساً للرأي العام حول أهمية تلك البرامج الإعلامية وجدواها المعرفية والفكرية عربياً لأدركنا الفرق نظراً لزيادة نسبة المشاهدة وكثرة التفاعل وعمق المشاركة فيها، ولو حاولنا أن نفصّل في كل بُعد مما يطرح ويناقش لطال بنا الوقت، أزعم أن البرامج الحوارية المحسوبة على الإعلام السعودي تتصدر الشاشات العربية في المشاهدة وفي الرؤى والطرح، وأنها تعد ترميزاً حقيقياً لمعنى الإعلام الحقيقي المتميز، ولعلي من خلال هذه اللمحة السريعة والمقاربة التحليلية أكون قد أنصفت البرامج الحوارية بتألقها المبهج.. وإلى لقاء.
عوضة بن علي الدوسي




http://www.alriyadh.com/2070953]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]