بعض العوائل السعودية تهتم بإلحاق أطفالها مبكراً بالمرحلة الابتدائية، دون مراعاة لعدم اكتمال نموهم العقلي، لاعتقادهم أن هذا سيعطيهم أفضلية إنهاء التعليم العام في مدة أقل، وهو تصرف غير موفق، فقد أشارت دراسة علمية أن الالتحاق المبكر بالدراسة ينعكس بشكل سلبي على الصحة النفسية للأطفال، وعلى أدائهم الدراسي ويشير إلى جهل فاضح لعوائلهم بـ»علم نفس النمو»..
خلال الفترة ما بين 25 مارس و2 مايو من العام الجاري، سيتم تسجيل الطلبة المستجدين من الجنسين في الصف الاول الابتدائي بالمدارس الحكومية، وذلك للعام الدراسي القادم، بينما يستمر في المدارس الاهلية والعالمية حتى الاسبوع الثالث من بداية الدراسة، وحددت وزارة التعليم السن النظامية لبدء الدراسة بستة اعوام، أو قبل الوصول الى هذه السن بتسعين يوماً، وبشرط اتمام فصل دراسي واحد على الأقل في مرحلة رياض الأطفال، وسن الستة اعوام متفق عليه في 91 دولة، في مقابل 32 دولة لسن سبعة اعوام، و15 دولة لسن خمسة أعوام، ودولة واحدة لسن ثمانية اعوام.
في دراسة اجرتها جامعة (اوتاغو الوسطى) في نيوزلندا عام 2014، اتضح ان الاطفال الذين دخلوا الى الابتدائية في سن الخامسة، كانت استجابتهم سلبية في تعلم القراءة والكتابة والحساب، مقارنة بمن بدأوا الدراسة في سن السابعة، والمسألة محل جدل بين المختصين، واختلاف المعايير السنية بين الدول، وسواء اشترط الدخول في الرابعة أو حتى الثامنة، فان المهارات المطلوبة في سن مبكرة لا تتغير، وتحديداً في مجال القراءة والكتابة والحساب، ويمكن تعلمها بنفس المستوى في الاعمار السابقة على اختلافها، وبالتالي فالدخول المتجاوز او النظامي او المتأخر لن يؤثر، لان النتيجة ستكون واحدة في كل الأحوال، والطفل يحتاج الى اللعب والحركة، اكثر من تنمية المهارات المعرفية، وبالاخص في الستة اعوام الأولى من حياته.
في عام 2013، وجهت مطالبة الى الحكومة البريطانية، من قبل ما يزيد على ثلاثين مختصا تربوياً، طالبوا فيها بالزام المدارس الحكومية والخاصة، على تحديد سن السابعة لدخول الابتدائية، والسبب انهم يستقبلون في صفوفهم اطفالا لا يزالون يرتدون الحفاظات، ولا يستطيعون تركيب الجمل، ويفتقدون المهارات الاجتماعية الاساسية، كتناول الطعام وآداب المائدة، وقد رأوا بانها حيلة من عوائل الاطفال، حتى يتفرغوا لاعمالهم والتزاماتهم في فترة النهار، دون مراعاة لتأثير ما يفعلونه على حياة الطفل، وهذا النوع من المشاكل محدود في المجتمعات الخليجية، بما فيها المملكة، لوجود من يهتم بالصغار عند انشغال والديهم، ولاحظت قيام بعض المدارس الاهلية المعروفة في الرياض، باختبار الطفل في مرحلة رياض الاطفال، وعلماء التربية الكبار، يرفضون تماماً، فكرة الاختبارات في المرحلة ما قبل الابتدائية، لانها تشعر الطفل بالفشل والرهبة.
بعض العوائل السعودية تهتم بإلحاق أطفالها مبكراً بالمرحلة الابتدائية، دون مراعاة لعدم اكتمال نموهم العقلي، لاعتقادهم ان هذا سيعطيهم أفضلية إنهاء التعليم العام في مدة أقل، وهو تصرف غير موفق، فقد اشارت مجلة (شيلد) العلمية في دراسة نشرتها عام 2017، ان الالتحاق المبكر بالدراسة ينعكس بشكل سلبي على الصحة النفسية للاطفال، وعلى ادائهم الدراسي، وان القيام بذلك يشير الى جهل فاضح لعوائلهم بـ(علم نفس النمو)، والتباين في الاعمار بين الطلبة في الصف الواحد، يجعل الاطفال الاصغر سناً، اضعف في امكاناتهم الدراسية من البقية، ما يؤثر في شخصياتهم، وفي عملية التعلم نفسها، وقد يجعلهم عرضة للاحساس بالعجز والغباء، وربما افقدهم الثقة بقدراتهم في المستقبل.
في عام 1892 اقر عشرة اشخاص في اميركا، ضمن ما يعرف بـ(لجنة العشرة)، ان يكون التعليم المدرسي والعام بصورته المعمول بها عالمياً في الوقت الحالي، او لمدة 12 عاماً، وكانت نسخته افي الولايات المتحدة، تشتمل على المنهج اليوناني المعدل، واللغة الانجليزية الحديثة، والعلوم والتاريخ، وفي عام 1991 نشر (جون غاتوه) وهو تربوي اميركي عتيد وصاحب خبرة، كتابا تناول فيه المنهج الخفي للتعليم الالزامي في دولته، وانتقد فيه المدارس الاميركية، ووصفها بالاعتلال النفسي والتناقض، فالطالب في حصة الآداب يقف على قدراته اللغوية التي تميزه عن الحيوان، وفي حصة العلوم يتعلم انه أخ لهذا الحيوان من سلف مشترك، وقال انها لا تخدم المشاريع العظيمة، فعلماء الطبيعة لا يحصلون على المعرفة التي يحتاجونها في حصة العلوم، ولا يحصل عليها الشعراء في حصة اللغة الانجليزية، بمعنى ان الناس الناجحون لم تكن المدرسة سببا في نجاحاتهم، وهو رأي تؤكده نماذج من نوع توماس اديسون والبرت اينشتاين، فكلاهما طرد من المدرسة ولم يكمل تعليمه الابتدائي.
ضم كتاب (دعائم التميز)، المنشور عام 1962، استعراضاً لاكثر من 400 شخصية مؤثرة في القرن العشرين، ووجد ان ثلاثة من كل خمسة شخصيات تناولها، او ما نسبته 60% من الاجمالي، لم يكونوا راضين عن مدارسهم او مدرسيهم، ورغم ما سبق، توجد محاولات للخروح من النمط التلقيني النمطي الجامد، او المعتمد على تغيير المحتوى والابقاء على الطريقة العقيمة ذاتها، ومن بينها، مدارس (والدروف) الاميركية، التي لا تستخدم التقنية، وتركز على تنمية المواهب والابداع، والتعامل مع كل موهبة بشكل مستقل، ومجموعة من موظفي (وادي السليكون) يدرسون ابناءهم فيها، واتصور ان مثل هذه التجارب تستحق التوطين.




http://www.alriyadh.com/2071867]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]