دلوعة قطرات
11-14-2002, 21:56
في الثامنة مساء ........
في حديقة منزلها المنمقة .... تستنشق هواء بارداً رطباً ....
استهوتها الأجواء لكتابة شعر .... شعر ما... فمن مدة لم تكتب الشعر...
بدأ يتدفق الشعر منها كرذاذ... ثم أخذ يتساقط شيئاً فشيئاً حتى أصبح سيلاً جارياً تتلذذ بانسيابه..
وفجأة اصطدم السيل بصخرة كبيرة.. فرقتة حين جاء صوته الأجش وبنبرة مؤنب:
لماذا تجلسين هنا لوحدك¿
رفعت رأسها متفاجأة بدخوله المنزل وهي لم تحس به
-: بكماء¿! لماذا لا تردين¿
: المسلم إذا دخل لأي مكان يسلم قبل أي شيء.. وبعدين أنت فاجأتني.
وكأنه لم يعر ما قالته أي اهتمام
-: البنت وينها.
أجابته بلهجة مستنكرة أسلوبه الذي طالما ناقشته فيه تصريحاً وتلميحاً.
: البنت!! ندى نامت.
اقترب إليها وكأنه مدير شرس يريد أن يمسك مخالفة من طالب مشاغب.
وقف على رأسها وهو يصوب نظرة نحو ورقها الهزيل.
-: ماذا تكتبين¿!
وبضحكة مصطنعة
: أبداً شوية شعر.. الهدوء والجو ساعدني.
-: والله انك مسكينة.. أريني ما كتبت.
نظر لأوراقها.. فأرخى شفتيه حتى بدت كحرف نون مقلوب.
-: والله انك تشغلين نفسك بأشياء تافهة.
: الشعر ما هو شيء تافه.. الشعر إحساس.. تعبير.. موهبة.. لا يقدر الكل على اكتسابه أو حتى فهمه.
امتعض من جملتها الأخيرة والتي بدى فيها المقصود.. فقال زاجراً.
-: أقول.. قومي جهزي العشا.
: اوه.. اليوم تاريخي.. تتعشى هنا.. في البيت.. معي..
حتى اني ما تعودتك ترجع للبيت في مثل هالوقت (وبعتب لا يخلو من لطف) كنت ترجع متأخر.. ليتك عطيتني خبر لأجل أعد لك وليمة بها المناسبة.
-: بلا سخرية.. جهزي أي شيء يملأ خواء البطن.
قامت وهي تحدث نفسها.
(ليتك تهتم بملء خواء روحك وفكرك مثل ما تهتم ببطنك).
دخلت المطبخ.. واحتارت ماذا تعد.. ارادت أن يتميز عشاؤها ولو كان بسيطاً..
وضعت العشاء بطريقة شهية.. سكبت الشاي الساخن ومدته له بلباقة وهي تبتسم.
-: المهم الشاهي.. عساه مضبوط مثل شاهي الشاحب.
اتسعت عيناها الصغيرتان من قذيفته التي اطلقها في وجهها.. حتى سد نفسها عن الاستمرار في الحديث وهي التي كانت تنوي أن تتبادل معه الحديث وتسامره على العشاء. فلكم تمنت تلك اللحظة..
أخذ يأكل الطعام وهو صامت تماماً.. تجشأ.. تناول بكسل إحدى المجلات وأخذ يتصفحها بملل..
بحسها الانثوي.. فهمت أن هناك شيئا ما حصل له وهو ما جعله يأتي اليوم باكراً ليتعشى معها..
: كأنك مهموم..
لم يجبها وكأنه لم يسمعها.
: يبدو.. انه صار سوء تفاهم بينك وبين أحد زملائك في الاستراحة.
-: هذا شيء ما يخصك..
عرفت فوراً أن حدسها كان صادقاً..
تهادى صاعداً لأعلى.
فبادرته: تنام¿! الآن!!.
هز رأسه.... تصبحين على خير.
وفجأة ظهر أمام عينيها ذلك اليوم الذي زغردت الدنيا فيه وغنت.. وامتلأت الدنيا بالورود..
فها هي وثيقة التخرج ترقص أمامي.. انها مفتاح من مفاتيح أبواب المستقبل.. سأخطي بها أول خطواتي في مستقبلي الذي طالما انتظرته وانتظره الآخرون لي.. اخوتي.. وطني كله..
-: اسمعي أنا أقول إن التدريس هو مستقبل المرأة هنا.
: لا بل انسب مهنة للمرأة.
-: لا.. لا.. لم يعد كما في السابق فقد أصبح متعبا جداً دون أي مردود مادي.
-: لماذا لا تفتحين مشغل خياطة وتديرينه بنفسك.
-: لكن يجب أن يكون راقيا ومميزا حتى تحققي الربح فيه.. وهذا يحتاج لرأس مال ليس بالقليل..
راج وماج رأسي يومها من آراء الآخرين حول اتجاهي الذي لم احتر فيه فليس أمامي غير المدرسة فهي مجال العمل المفتوح هنا.. يعني ساعود للمدرسة وأنا احسبني خرجت منها بلا رجعة.. هي مهنة شريفة ورفيعة.. وقد تكون طموح البعض.. وميول البعض.. ومجبوراً عليها البعض.. لكني لا أجد نفسي فيها.. لا يمكن أن اجبر نفسي عليها..
طموحي احسه كصاروخ لحظة انطلاقه.
حملت أوراقي إلى زوجة عمي.. هي الملاذ.. هي من سيحقق طموحي فهي سيدة أعمال بارزة..
دخلت عليها متدفقة بالحماس.. واعدة.. لا ملل.. لا كآبة..
استقبلتني بابتسامة هادئة مجاملة.. من امرأة مشغولة جداً..
كانت كلماتها هادئة.. كسم في طعام لذيذ..
-: صحيح انتي قريبتنا.. ووالدك عزيز علينا.. وانت متعلمة ومثقفة.. وموهوبة في الشعر.. شهادتك وموهبتك مفيدة.. ولديك رغبة حقيقية في العمل وهذا مهم.. ولكن بصراحة لا يوجد لدي أي عمل شاغر..
خرجت منها وأنا اخطو خطوة من خطوات التحطيم..
-: وهل للمرأة غير بيتها.. الزواج هو المصير المنتظر لكل فتاة.
-: لكن يا أمي لا أعتقد أن الزواج وحده يحقق ذات المرأة.. أحياناً يجب على المرأة أن تحقق ذلك بنفسها هناك أزواج يتفهمون ذلك وهناك الذين لا..
قاطعها والدها
-: والدتك معها حق.. الزواج هو ما سيحقق أحلامك.. هو ما تبحثين عنه.. ولكنك لا زلت تجهلين..
توفقت الذاكرة فجأة عن السرد عندما اخترق اذنيها صوته الأجش
-: تعالي يا حرمة سكتي البنت.
فقامت مسرعة.. وكادت أن تسقط وهي تصعد السلم!!.
أختكم
دلوعة قطرات
في حديقة منزلها المنمقة .... تستنشق هواء بارداً رطباً ....
استهوتها الأجواء لكتابة شعر .... شعر ما... فمن مدة لم تكتب الشعر...
بدأ يتدفق الشعر منها كرذاذ... ثم أخذ يتساقط شيئاً فشيئاً حتى أصبح سيلاً جارياً تتلذذ بانسيابه..
وفجأة اصطدم السيل بصخرة كبيرة.. فرقتة حين جاء صوته الأجش وبنبرة مؤنب:
لماذا تجلسين هنا لوحدك¿
رفعت رأسها متفاجأة بدخوله المنزل وهي لم تحس به
-: بكماء¿! لماذا لا تردين¿
: المسلم إذا دخل لأي مكان يسلم قبل أي شيء.. وبعدين أنت فاجأتني.
وكأنه لم يعر ما قالته أي اهتمام
-: البنت وينها.
أجابته بلهجة مستنكرة أسلوبه الذي طالما ناقشته فيه تصريحاً وتلميحاً.
: البنت!! ندى نامت.
اقترب إليها وكأنه مدير شرس يريد أن يمسك مخالفة من طالب مشاغب.
وقف على رأسها وهو يصوب نظرة نحو ورقها الهزيل.
-: ماذا تكتبين¿!
وبضحكة مصطنعة
: أبداً شوية شعر.. الهدوء والجو ساعدني.
-: والله انك مسكينة.. أريني ما كتبت.
نظر لأوراقها.. فأرخى شفتيه حتى بدت كحرف نون مقلوب.
-: والله انك تشغلين نفسك بأشياء تافهة.
: الشعر ما هو شيء تافه.. الشعر إحساس.. تعبير.. موهبة.. لا يقدر الكل على اكتسابه أو حتى فهمه.
امتعض من جملتها الأخيرة والتي بدى فيها المقصود.. فقال زاجراً.
-: أقول.. قومي جهزي العشا.
: اوه.. اليوم تاريخي.. تتعشى هنا.. في البيت.. معي..
حتى اني ما تعودتك ترجع للبيت في مثل هالوقت (وبعتب لا يخلو من لطف) كنت ترجع متأخر.. ليتك عطيتني خبر لأجل أعد لك وليمة بها المناسبة.
-: بلا سخرية.. جهزي أي شيء يملأ خواء البطن.
قامت وهي تحدث نفسها.
(ليتك تهتم بملء خواء روحك وفكرك مثل ما تهتم ببطنك).
دخلت المطبخ.. واحتارت ماذا تعد.. ارادت أن يتميز عشاؤها ولو كان بسيطاً..
وضعت العشاء بطريقة شهية.. سكبت الشاي الساخن ومدته له بلباقة وهي تبتسم.
-: المهم الشاهي.. عساه مضبوط مثل شاهي الشاحب.
اتسعت عيناها الصغيرتان من قذيفته التي اطلقها في وجهها.. حتى سد نفسها عن الاستمرار في الحديث وهي التي كانت تنوي أن تتبادل معه الحديث وتسامره على العشاء. فلكم تمنت تلك اللحظة..
أخذ يأكل الطعام وهو صامت تماماً.. تجشأ.. تناول بكسل إحدى المجلات وأخذ يتصفحها بملل..
بحسها الانثوي.. فهمت أن هناك شيئا ما حصل له وهو ما جعله يأتي اليوم باكراً ليتعشى معها..
: كأنك مهموم..
لم يجبها وكأنه لم يسمعها.
: يبدو.. انه صار سوء تفاهم بينك وبين أحد زملائك في الاستراحة.
-: هذا شيء ما يخصك..
عرفت فوراً أن حدسها كان صادقاً..
تهادى صاعداً لأعلى.
فبادرته: تنام¿! الآن!!.
هز رأسه.... تصبحين على خير.
وفجأة ظهر أمام عينيها ذلك اليوم الذي زغردت الدنيا فيه وغنت.. وامتلأت الدنيا بالورود..
فها هي وثيقة التخرج ترقص أمامي.. انها مفتاح من مفاتيح أبواب المستقبل.. سأخطي بها أول خطواتي في مستقبلي الذي طالما انتظرته وانتظره الآخرون لي.. اخوتي.. وطني كله..
-: اسمعي أنا أقول إن التدريس هو مستقبل المرأة هنا.
: لا بل انسب مهنة للمرأة.
-: لا.. لا.. لم يعد كما في السابق فقد أصبح متعبا جداً دون أي مردود مادي.
-: لماذا لا تفتحين مشغل خياطة وتديرينه بنفسك.
-: لكن يجب أن يكون راقيا ومميزا حتى تحققي الربح فيه.. وهذا يحتاج لرأس مال ليس بالقليل..
راج وماج رأسي يومها من آراء الآخرين حول اتجاهي الذي لم احتر فيه فليس أمامي غير المدرسة فهي مجال العمل المفتوح هنا.. يعني ساعود للمدرسة وأنا احسبني خرجت منها بلا رجعة.. هي مهنة شريفة ورفيعة.. وقد تكون طموح البعض.. وميول البعض.. ومجبوراً عليها البعض.. لكني لا أجد نفسي فيها.. لا يمكن أن اجبر نفسي عليها..
طموحي احسه كصاروخ لحظة انطلاقه.
حملت أوراقي إلى زوجة عمي.. هي الملاذ.. هي من سيحقق طموحي فهي سيدة أعمال بارزة..
دخلت عليها متدفقة بالحماس.. واعدة.. لا ملل.. لا كآبة..
استقبلتني بابتسامة هادئة مجاملة.. من امرأة مشغولة جداً..
كانت كلماتها هادئة.. كسم في طعام لذيذ..
-: صحيح انتي قريبتنا.. ووالدك عزيز علينا.. وانت متعلمة ومثقفة.. وموهوبة في الشعر.. شهادتك وموهبتك مفيدة.. ولديك رغبة حقيقية في العمل وهذا مهم.. ولكن بصراحة لا يوجد لدي أي عمل شاغر..
خرجت منها وأنا اخطو خطوة من خطوات التحطيم..
-: وهل للمرأة غير بيتها.. الزواج هو المصير المنتظر لكل فتاة.
-: لكن يا أمي لا أعتقد أن الزواج وحده يحقق ذات المرأة.. أحياناً يجب على المرأة أن تحقق ذلك بنفسها هناك أزواج يتفهمون ذلك وهناك الذين لا..
قاطعها والدها
-: والدتك معها حق.. الزواج هو ما سيحقق أحلامك.. هو ما تبحثين عنه.. ولكنك لا زلت تجهلين..
توفقت الذاكرة فجأة عن السرد عندما اخترق اذنيها صوته الأجش
-: تعالي يا حرمة سكتي البنت.
فقامت مسرعة.. وكادت أن تسقط وهي تصعد السلم!!.
أختكم
دلوعة قطرات