المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : غياب العاطفة



غـــــرام
01-12-2003, 00:46
غياب العاطفة




بدأت تمل الوحدة ... ملت عيشتها وروتينها المعتاد بين البيت والعمل...بعد هجران زوجها وإلى الأبد ..أصبحت لا تطيق الحديث...لم تعد ترغب بالخروج.. الألسنة تثرثر... الأعين تحتقر... الأيدي تتهم... أصبحت معزولة... حتى عن أهلها... ولما هذا كله يا ترى¿¿ ... لم تكن غلطتها حينما أحبته بإخلاص... لم يكن أمامها غير القبول به... شمس طفولتها غابت... غيوم مراهقتها جفت... ضائعة فالوجود...وغائبة عن اللاوجود... يا ترى ما مصيرها الآن... لا أهل...لا زوج...لا عائله تحميها من غدر الزمان... ساعاتها تمر كالدهر عليها... شاب شعرها وهي تنتظر الصبر ينتهي...لتصرخ في الفضاء..أنا بريئة... مظلومة..ليس بذنبي حبي له... هل أصبح المحب مجرما...والخائن بريئا في هذا العالم... غدر بي... بدأ يومها ينتهي.. وهي تمسح دمعها....

دقيقة... ثلاثون دقيقة... ساعة...ساعتين.. بدأت الشمس تغرب..وبدأ عمرها ينسحب إلى الوراء... رن جرس الباب... صدمت من يا ترى... فكرت هل سيكون أبو خليفة عاد إلي.. أم أن خيالي ووحدتي أثرا في عقلي... رن مرة أخرى..لم تستوعب.. انتظرت ثواني.. انطلقت إلى الباب يدفعها أملها وحبها..تسحب سلاسل خوفها معها.. امتلك قواها.. وفتحت الباب... ولكن من هذا يا ترى لم تطلب أي شيء... نظرت بصدمة لا تريد أن تفكر فالأمر...

قائلة: نعم.. ماذا تريد (بجفاء الخوف)

رد الساعي: هذي ورقة من المحكمة.. ارجوا أن توقعي على استلامها

جرت القشعريرة في جسدها..ارتجفت يدها..انقهرت قواها اخيراً.. يا له من سافل ... هذه نهاية 10 سنوات زواج..¿¿. من يصدق.. تهون عليه العشرة بهذي السهولة... لأنه لم يحتمل عقمي... ولكن وهبت له أجمل سنين عمري.. حسافة عاطفتي... ذكرت ربها وبين يديها الرسالة..رمتها على الطاولة..

وبدأت يومها الجديد... تنظيف... طبخ... اتصالات... بكاء... نواح... رمي أمتعته...

" سافر ولم يتصل ليقول لي ما نهاية علاقتنا جبان... أظن أن أمه الأفعى وجدت له زوجه جديدة ..بكامل المواصفات( فل أوبشن)..فليذهبا إلى الجحيم"

رمت بالمزهرية أرضا

"يا ليتها لو سقطت على رأسه"

خرجت لتتسوق.. شعرت بأن الجميع يرمقها بنظرة اتهام.. رغبت فالجري إلى ابعد مدى .. لتصرخ وتسمع صداها يقول أنتي مذنبة.. لماذا طلبت منه الرحيل.. ها أنا اشتاق له ..احن لهمساته... أشم رائحة عطره في بيتي...سأحرق البيت واحرق حبي معه...ها هي أم كلثوم تغني (أمل حياتي) أغنيته المفضلة... لماذا يطاردني في كل بقعه من حياتي... وصلت إلى بيتها.. وصلت لها برقيه مكتوب فيها (انتهيت من كل شيء).. ما هذا !!! مازال يطاردني..ليعاقبني... ليشعرني بأني بحاجته..ماذا يريد بعد.. قدم لي استقالتي من حياته.. وها هو يقولها لي.. بدأت تصارخ وتبكي بحرقة طفل تيتم للتو..مرت عدت ساعات رن جرس الهاتف ذهبت لترد عليه... هو!! ماذا يريد¿¿

" ألووو ألووووو مريم أنا محمد هل تسمعيني "

..لم استطع تمالك نفسي والقشعريرة تسري في دمي كمراهقة بدأت تحب..خوفي من خضوعي له وترجيه جعلني أغلق السماعة لأنهي الاتصال.. يريدني أن أجن... هذي ليست حياة يطاردني بعد أن تخلى عني... سأخبره بأن يتركني وشأني و إلا سأدخل رجال الأمن في القضية.

مر أسبوع من دون حركاته... كانت تنتظر حركاته الطائشة بشوق.. تجلس على الاريكه المفضلة لديه وتنظر إلى صورته... لا تجيب على اتصالات الأهل والأصدقاء... لا تريد محادثتهم..لأنهم سيسألونها عنه..تريده هو لتلقنه درساً.. لم يسمعها قط تصرخ في وجه ترفض هذا أو ذاك..كانت خاضعة له في كل ما يأمرها به ... صديقاتها يستعجبن منها..أمها تملؤها بالنصائح المدمرة.. ولكنها لا تفعلها.. وها هي ذا تدمر كلياً.. من دون وجود أي سبب



بعد محاصرة أفكارها لها.. وبعد أن بدأ اليأس يأكل منها ما تبقى... قررت الخروج لتستنشق غير عطره..لترى غير وجه في حياتها...قصدت بيت أهلها لتخفف من ضغوطه عليها... ترددت هل ستدخل أم تعود أدراجها..لا تعرف ماذا ستسمع اليوم... دخلت المنزل..رحبت بالموجودين..ردوا عليها السلام..فبدأت أمها تلقي القذائف من بعيد...والأب صامت لا يعرف ماذا يقول لزوجته لتسكت..لان هذا ليس وقت القذائف... كانت تتمنى لو لم تدخل..لو انشقت الأرض وابتلعتها عند باب المنزل.. هااا وصلت المنقذة أختها ... رحبت فيها وطلبت منها المجيء معها لغرفتها لتريها بعض الأغراض.. لم تعارض ذهبت بدون تفكير.. بدأت الأخت تريها هذا وذاك.. وهي في عالم مصيبتها.. سكتت الأخة..رمقتها بنظرة شخص دخل عالمها... فبدأت تفضفض لأختها... وتحدثها عن الذي جرى معها في هذه المدة. ولكن أختها لم تقل شيئا لها غير

" ربما أنتي مخطئه وأفكار أمه غرست في رأسك..ولكن هو لم يقل لك شيئا"

... سكتت مريم تفكر..ولكن سرعان ما تذكرت الرسالة وقالت

"وتلك الرسالة التي وصلتني من المحكمة ما محتواها ¿ هل يا ترى بعثها ليخبرني عن حبه .. بعد شجار دام يوم كامل¿¿!!"

لم تفكر أختها في الرد وقالت لها سريعا

" لما لا أنتي تعرفينه كم يحبك ولم يرغب فالسفر وأنتي غاضبه منه.. وبعد هذا أنتي لم تفتحي الرسالة حتى ..فلا تتهميه إلا أن يثبت اتهامك"

رمقت مريم أختها بنظره غاضبه

"لماذا تدافعين عنه ¿¿ اهذا ما أتيت لسماعه منك"

جهزت نفسها للخروج فأوقفتها أختها قائلة

" أصبحت مجنونة من كلام أمه..الله في عونك... فكري قبل الحكم لم تظلميه أبدا فماذا دهاك ألان¿¿"

خرجت مريم مسرعه من دون توديع أهلها أيضا..ركبت سيارتها.. وتلحقها أفكارها.. وكلام أختها يخنق تفكيرها.. لماذا حكمت عليه بسرعة ... نعم صحيح لم اقرأ رسالته..لكن أمه أخبرتني انه يرغب بالطلاق لأني لا أنجب وهو يرغب بالإنجاب.. ولكني لم اسمعه يقولها .. هذا صحيح.. كم أنا حمقاء ومغفلة.. تشتت أفكارها..ضاع عقلها.. شعرت أنها ظلمته.. سأعود إلى البيت لأقرأ محتوى الرسالة.

بعد معاناة..وزحمة الشوارع.. وصلت المنزل مرتبكة.. لا تعلم هل تقرأ محتواها.. أم تنسى القصة وتعيش حياتها.. وضعت المفتاح في الباب وفتحته..رائحة عطره من جديد... هل أنا احلم برائحته كما احلم بطيفه¿¿ ... أرادت أن تصدق الحلم..لتراه...وضعت حقيبتها وبدأت تتذمر من ما حولها.. وماذا حصل منذ رحيله.. فجأة رأته يقف أمامها ببتسامة شوق.. وبعبوس عاتب... قائلا

" أخيرا عدتي إلى المنزل.. لماذا النقال مغلق.. لماذا لم تعلميني بخروجك..لم اعهدك هكذا¿¿"

نظرت إليه... كأنها تريد ضربه بأقرب ما لديها

"ماذا تفعل في بيتي ..بعد أن بعثت لي بهذي الرسالة المشؤومة..وبعد أن وجدت أمك الزوجة المصون..ماذا تريد مني..أغراضك ¿¿ رميتها.. والآن ليس لديك شيء هنا.."

وهو بصدمة مظلوم بتهمه لم يرتكبها

" ماذا دهاك ¿¿!! هل وقعتي على رأسك.. أم صدقتي كلام أمك بي..أنا عائد من سفر.. ومن غربه .. مشتاقٌ لك وأنتي هنا تصرخين في وجهي¿¿"

"لن أشفق عليك وأدخلك منزلي بعد ما وصلتني ورقة الطلاق (وهي على وشك البكاء)"

أصبح كالمجنون

" ماذا تقولين أنتي .. أي ورقة طلاق ..وأي هذيانُ هذا ..حتى رسالتي لك لم تفتحيها .. مع علمك بأن المنطقة التي كنت فيها من دون هواتف.. وبرقيتي التي أخبرك بها بأني قادم ..واتصالي لك وإغلاقك السماعة .. ماذا اسمي هذا .. جفاء منك¿¿ أم اصبحتي لا ترغبين بي"

بذهول المصدوم

"م م م ماذا ... أنت لم تبعث لي ورقة طلاقي ..ولكن أمك ..أعلمتني بأنك ستتركني بعد ما صار بيننا..أيعقل كل هذا وهم .. لم تتركني .. لم تفكر بسواي .. لم ولم ولم ... يا لغبائي ..كيف اعتذر لك"

وفي وجهة علامة استعجاب ضاحكه

" أمي خدعتك لتغيضك ... لأنها تعرف بأن حبنا بحر لا ينضب .. وبأنك زوجتي التي اخترتها فالسراء والضراء.. دعك من هذا الحديث واعدي لي الطعام "

( مثل عادته يسامح ويغفر لحبه لها)

ذهبت من دون أن تقول حرفا..ساكنة دموع الفرحة في عينيها... لم يتغير..بل أنا كنت بلهاء.. يا لحبي له... نادمه على تفكيري السيئ بملاكي هذا..

أعدت له الطعام وملابسه النظيفة التي بقيت بعد رميها أغراضه

( كانت تريدها للذكرى ولكن الآن تريدها له, له هو وحده)

http://www.angeleyes2.com/platinum/images/pm/candle6.gif

غـــــرام