المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حوار مع ابن عمران حول السلطان ( حوار شيق )



عبد المالك
08-15-2004, 03:23
بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد أحببت اليوم أن أنقل لكم شيئ من المقامات السلطانية مستعينا بالله تحت عنوان: حوار مع ابن عمران حول السلطان نبدأ إن شاء الله .
قال عليُّ بن عمران : اعلموا أن السلطان ¡ ظل الله في الأوطان ¡بهيبته تحفظ البلاد وتسعد العباد ¡ وبعدله تأمن الآفاق ¡ وتقام الأسواق ¡ وبسيفه تنصر الملّة ¡ وترفع الذلّة .
أما الظلوم الغشوم ¡ فمجده مهدوم ¡ وسيفه مثلوم ¡ وجنده مهزوم . اسمعوا ابن خلدون ¡ لعلكم تعتبرون . إن السلطان إذا عدل ¡ شفيت بعدله العلل ¡ وزال الخلل ¡ وذهب الزلل ¡ ونصر الله دولته بين الدول . أما إذا السلطان جار ¡ ألزمه الله الصغار ¡ وألبسه العار ¡ وسلط عليه الدمار ¡ وجعل مصيره النار .

قلنا يا ابن عمران : وكيف يكون العلماء مع السلطان ¿
قال : لا تقابل السلطان بالقوة ¡ فيلقيك في هوّة ¡ وكما قالت العرب في الكتب : لا تمازح الأسد ¡ فإنه أبو لبد . فالعالم لا يخالط السلطان حتى كأنه حاجب ¡ أو كاتب ¡ أو حاسب ¡ لأن الصاحب ساحب ¡ بل ينصحه من بعيد ¡ ويزوره كل عيد ¡ويدعو له بالتسديد . ولا ينصحه أمام العوام ¡ لأنهم هوام ¡ أصحاب طوام ¡ بل يداريه ولا يماريه¡ وينكر عليه ولا يجاريه . ويكلمه كلاما بيِّنا ¡ ويقول له : قولا ليِّنا .
قلنا : فإن أعطاه السلطان مالا ¡ وقال يأخذه حلالا ¡ ويصلح به حالا .
قال : إن كان هذا المال ليشتري به دينه ¡ من أجل أن يذله ويهينه ¡ فالمنيّة ولا الدنية ¡ وركوب الجنائز ¡ ولا قبول الجوائز . وإن كان هذا العطاء من بيت المال بلا سؤال ¡ ولا مكر واحتيال ¡ فرزق ساقه الله إليك ¡ سواء كان بنقد أو بشيك ¡ فهو لك لا عليك .

قلت : فما رأيك في الخروج على السلطان ¿
قال : لا تفعل إلا إذا رأيت كفراً عندك فيه من الله برهان .
قلت : فإن حرمني وشتمني وظلمني ¿
قال : حسيبك الملك الديان ¡ يوم يوضع الميزان ¡ ويظهر البهتان .
قلت : فماذا يجعل السلطان من الصلحاء ويحمله على نهج الخلفاء الأوفياء ¿
قال : إذا شاور العلماء ¡ وخالف السفهاء ¡ وجالس الحكماء ¡ وصاحب الحلماء .
قلت : يا ابن عمران فماذا يفسد السلطان ¿
قال : الاشتغال عن الرعية ¡ والجور في القضية ¡ وعدم الحكم بالسويّة .
قلت : فماذا يلزم السلطان حتى يعان ¿
قال : تنفيذ الحدود ¡ وتقوية الجنود ¡ والوفاء بالوعود ¡ والالتزام بالعهود ¡ وإكرام الوفود .
قلت : فماذا يجب للسلطان على الرعية ¡ من الواجبات الشرعية ¡ والحقوق المرعية ¿
قال : الدعاء له بظهر الغيب ¡ ولا ينشر ما فيه من عيب ¡ وطاعته إلا في الحرام ¡ والنصح له في توقير واحترام .
قلت : أخبرنا بما في سيرة الحكام من العبر ¡ وما ورد فيها من أثر ¡ فإن الله ينفع بالسير ¿
قال : انظروا ما ذكره الله في القرآن ¡ وما سطره في التأريخ والأعيان .
قلت : لماذا فسد الحجّـاج ¡ ووثب على الأمة وهاج ¿
قال : الرجل بالله مغرور ¡ غره المدح والظهور ¡ فأخذ يظلم ويجور .
قلت : فمن جُلاسـه ¿
قال : هم ما بين عامّي عري عن العلم ¡ محروم من الفهم ¡ أو فاجر مات قلبه ¡ وتبلد لبه .
قلت : ولماذا فسد الخليفة الأمين ¿
قال : أقبل على اللعب ¡ واشتغل بالطرب ¡ وأهان أهل الحسب ¡ وقرب الوشب .
قلت : فلماذا أيد الله عمر بن عبد العزيز ¡ وجعله في حرز حريز ¿
قال : الرجل اتقى ربه ¡ وخاف ذنبه ¡ وأصلح ما بينه وبين الديان ¡ فعمّر الله به البلدان . ركب سفينة السنة ¡ فأوصلته الجنة .
قلت : فأخبرنا بصفات تصلح السلطان ¡ وتوصله الرضوان ¿
قال : عليه بصدق الصدِّيق ¡ وعدل الفاروق ¡ وسخاء عثمان ¡ وشجاعة عليّ إذا التقى الجمعان .
قلت : فمن أحق الناس بإكرام السلطان ¿
قال : عالم عامل ¡ وعابد فاضل ¡ وشيخ كبير ذابل .
قلت : فمن أحق الناس بعقوبة السلطان ¿
قال : السفهاء ¡ الذين يحتقرون العلماء ¡ والمجاهرون بالمعاصي صباحاً مساء . ومن يأخذ حقوق العباد بالاعتداء .
قلت : فلماذا أحب الناس الخلفاء الراشدين ¿
قال : لأنهم كانوا صادقين ¡ وبربهم واثقين ¡ وبرعيتهم رفيقين .
قلت : فلماذا سقطت الدولة الأموية ¡ وقد كانت قوية ¿
قال : أخّر القوم الصلاة ¡ وأكرموا العصاة ¡ وجاروا في الأحكام ¡ فانقلبت بهم الأيام .
قلت : فلماذا سقط بنو العباس ¡ وقد كانوا أهل نجدة وبأس ¿
قال : هجر القوم المثاني ¡ واشتغلوا بالأغاني ¡ وملأوا القصور بالغواني ¡ وغرتهم الأماني .
قلت : فلماذا سقطت الدولة العثمانية ¿
قال : قربوا الصوفية ¡ وحاربوا الدعوة السلفية ¡ وأهانوا الرعية ¡ واشتغلوا بالملذات الدنيوية ¡ وأهملوا الشعائر الدينية .
قلت : فما معنى كلام ابن تيمية : إن الله ينصر الدولة الكافرة ¡ إذا كانت عادلة ويمحق الدولة المسلمة ¡ إذا كانت ظالمة ¿
قال : هذا كلام صحيح ¡ وفهم مليح . فالدول إذا عدلت قرّت ¡ واستقرت ¡ وأعطاها الله الأمان ¡ من روعات الزمان ¡ ومن مصائب الحدثان . وإذا ظلمت محقت وسحقت ¡ وتمزّقت وتفرّقت . وهذه سنة ماضية ¡ وحكمة قاضية .
قلت : ولماذا قال عمر على المنبر يوم صاح بطنه من الجوع وقرقر : قرقر أو لا تقرقر والله لا تشبع حتى يشبع الفقير المقتر ¡ والشيخ المعسر ¿
قال : عمر إمام العدالة ¡ شرح الله بالعدل باله ¡ صدق الله فأصلح أحواله ¡ وجعل التقوى سرباله . فسيرة عمر تخوف الظالمين ¡ وترهب الآثمين ¡ وهي قصة بديعة في العالمين .
قلت : ما رأيت الظالم طال عمره ¡ ولا حماه قصره ¡ ولا ارتفع قدره .
قال : أما تدري أن الله أخرج كل ظالم من قصره وجره ¡ وقطع دابره بالمـرة ¡ واستنـزله من برجه العاجي كأنه هرة .
قلت : مثل ماذا يا هذا ¿
قال : عجباً لك أما تعي ¡ وأنت بالعلم تدعي . أما أهلك فرعون وخرب داره ¡ وترك قصوره منهارة ¡ ودس أنفه في الطين كأنه فارة .
أما رأيت شاوشيسكوا رئيس رومانيا المهين ¡ مزقه شعبه وهو لعين ¡ سحبوه في الشارع كأنه تنين ¡ فما كان له من فئة ينصرونه وما كان من المنتصرين .
أما رأيت شاه إيران ¡ السفيه الغلطان ¡ الذي كان بكأس الظلم سكران ¡أكثر من السلب والنهب ¡ والضرب والصلب ¡ فطرده شعبه كالكلب . فمات في مصر مع فرعون ¡ وكتب في التاريخ الشاه الملعون .
أما رأيت ماركوس رئيس الفلبين ¡ أحد الظلمة الكاذبين ¡ أذاق قومه الويلات ¡ وأسقاهم كأس النكبات ¡ فمال عليه قومه ميلة واحده ¡ فإذا دولته بائدة ¡ فصار في العالم طريدا ¡ وأصبح في الأرض شريدا .
قلت : أرشدتني أنار الله فكرك ¡ وأعلا ذكرك ¡ وقد حملت شكرك .
أسف على الإطالة أخوكم في الله عبد المالك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الوفاء
08-17-2004, 01:03
السلام عليكم
سلمت يداك اخ عبد المالك للنقلك للحوار
استمعت بقرأته
يعطيك العافيه
تحيتي

ضحــ عشق ــية
08-17-2004, 02:24
أخي عبدالمالك
جزاك الله خيراً فيما تقلت
فعلاً حوار رائع
وممتع

جزاك الله خيراًَ