المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رصاصة ترامب!



المراسل الإخباري
11-12-2016, 06:57
فاز دونالد ترامب¡ وانتهت اللعبة الانتخابية¡ وبقي الحديث مفتوحاً عن أسباب الفوز¡ وعلاقته بمزاج الناخب الأميركي¡ وتزايد التساؤلات عن تراجع حجم تأثير النخب و"اللوبيات" المتجذرة في عمق المجتمع هناك¡ إلى جانب مستقبل علاقات الدولة العظمى مع العالم¡ والموقف من أحداثه المشتعلة سياسياً وأمنياً في منطقة الشرق الأوسط تحديداً¡ وحالة الركود المخيف للاقتصاد العالمي.
خطاب ترامب الانتخابي يستحق التحليل¡ والوقوف عند منطلقاته¡ ودوافع التعرض لهº فالخطاب كان واقعياً¡ ومثيراً للجدل في توجهاته ومواقفه¡ ومتجهاً بلا وسيط إلى الشعب¡ فلم يزايد على حاجاتهم¡ ولم يساوم على ردات فعلهم¡ بل سار في اتجاه آحادي.. يعرف ما يقول¡ ولكنه غير مدرك لكل ما يقول¡ وترك الشعب الأميركي يبحث عنه وهو أساساً في الطريق الصحيح للوصول إليه¡ وبالتالي اختصر الوقت¡ وقطع طرق الإمداد النفسي والإعلامي من منافسته هيلاي كلينتون¡ وحصد الأصوات بقناعة أن ما يقوله ترامب لا يحتاج إلى تفسير¡ أو توضيح¡ وإنما إلى تصديق¡ وهنا كان الكسب الذي لم يتوقعه أحد.
كباحث إعلامي لم أتوقع أن يحيي ترامب "نظرية الرصاصة" في أربعينات القرن الماضي¡ حيث قوة التأثير المباشر من المرسل إلى المستقبل¡ ولم أتوقع أن "نظرية انتقال المعلومات على مرحلتين" التي انتهجتها كيلنتون في حملتها ستصل بها إلى خارج السباق الرئاسيº فالرئيس ترامب قال الحقيقة -وإن اختلفنا معها- التي يؤمن بها الشعب الأميركي¡ ويريد الاستماع إليها بهذه الطريقة¡ وفي هذا التوقيت¡ حيث نزل إلى مستوى واقعهم¡ وكسب ثقتهم¡ وكان تأثيره أقوى¡ وصدّقوه¡ بينما كلينتون بحثت عن النخب كوسيط بين ما تريد أن تقوله وبين ما يرغب الناخب الاستماع إليهº فكان التأثير لا يرقى إلى درجة المنافسة.
واقرب مثال على ذلك أن ما صرفه ترامب في حملته الانتخابية على مواقع التواصل الاجتماعي¡ وتويتر منه تحديداً أكثر من ملياري دولار¡ وتجاوزت شعبيته في العالم أكثر من 360 مليون متابع¡ بينما لم يدفع للإعلام التقليدي الوسيط أكثر من 17 مليون دولار¡ والنتائج أن رصاصة تأثيره وصلت إلى ناخبيه مباشرة¡ وعرف حجم أصواته الحقيقية¡ وترك لكلينتون تقديرات النخب في استطلاعات الرأي العام التي سقطت في اختبار مواقع التواصل الاجتماعي¡ وفشل معها تباعاً "اللوبيات" التي كانت تسوّق للمصالح¡ والرهانات التي توقفت بعد إعلان الحقيقة.
صحيح أن هناك قوى سياسية واقتصادية ساهمت في إيصال ترامب إلى الرئاسة¡ ولكن الحديث هنا عن الوسيلة التي قادته إلى الفوز¡ وليس المصالح التي كانت تتمنى فوزه¡ والفارق كبير.
حملة ترامب أعطتنا درساً أن أي مرشح لعملية انتخابية عليه أن يتجه إلى الشعب مباشرة بلا وسيط نخبوي¡ وأن يستغل وسائل الشعب الاتصالية المعاصرة في تقديم رسالته كما هي في الواقع بلا تزييف أو تلوين.
وعلينا أن ندرك أيضاً أن كل ما قاله ترامب المرشح للرئاسة الأميركية سيختلف عن ما يقوله ترامب الرئيس¡ وبالتالي ستبقى السياسة الأميركية كما هي غالباً¡ ولكن التغيير في الاستراتيجياتº لأن أميركا باختصار دولة مؤسسات¡ ولن تسمح أن ينال أحد من مصالحها¡ وأمنها القومي حتى لو كان الرئيس نفسه¡ وهذا يدعونا إلى عدم المبالغة في تقدير مواقف ترامب المرشح¡ أو نبقى أسيرين لما أفرزته الآلة الإعلامية التي عملت ضده طوال فترة الانتخابات¡ بل علينا أن ننتظر قليلاً لنحكم على ترامب الرئيس¡ ونقرأ المشهد السياسي الأميركي المقبل بلا خوف أو تراجع.




إضغط هنا لقراءة المزيد... (http://www.alriyadh.com/1547178)