المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كي نزداد قوةً



المراسل الإخباري
11-17-2016, 15:41
عاد صديقي من الخارج وأخبرني أنه اشترى شقة هناك¡ ثم أضاف: ماذا عنك¿ هل استثمرت خارج المملكة¿ أجبته: لي تجربة غير موفقة قبل أكثر من عشرين عاماً¡ وبعد هذه التجربة قررت ألا أستثمر إلا في مكان أستطيع أن أراه وأزوره متى أشاء وأعرف أنظمته وقوانينه.
لكن صاحبي أصرّ على أنه من باب الحيطة والحذر يجب أن يكون للإنسان استثمار خارج بلده¡ ثم أضاف: ألا ترى ما يجري في الدول المجاورة للمملكة من حروب وقلاقل¡ هل نحن في منأى عن ذلك¡ ألا تعتقد بوجود مؤامرات تحاك ضد المملكة ودول تتربص بها¿ أجبته لا يوجد بلد في العالم بمنأى عن القلاقل¡ لكن لو تتبعنا ما يجري في الدول المجاورة لوجدنا أنه كان نتيجة تراكمات من الأخطاء التي جلبها الفساد والأنظمة الدكتاتورية التي أوصلت الأمور في تلك البلدان إلى ما وصلت إليه¡ ففي العراق على سبيل المثال أوجدت الحرب الخاسرة مع إيران والخطأ الفادح في غزو الكويت¡ عذراً للتدخل الأجنبي وتدمير العراق. إن من يقرأ التاريخ يعلم أن أخطر ما يهدد الحكومات والدول هو ما يجري في الداخل.

ليتحسن الاقتصاد الذي هو العمود الفقري لما عداه¡ علينا أن نعلنها حرباً مستمرة على الفساد كما أعلناها حرباً على الإرهاب¡ فالفساد أخطر وأكثر ضرراً من كل ما عداه..
قلت لصاحبي لن أستثمر في الخارج لقناعتي أن المملكة آمنة ومستقرة وقادرة بإذن الله على تجاوز الصعاب¡ وقد تجاوزت كل الأزمات التي مرت بها بفضل حكمة وبُعد نظر قادتها¡ وتغليب مصلحة الوطن وأمنه على كل ما عداه¡ وأضفت: إن الحذر واجب ومطلوب من كل الدول¡ وخصوصاً تلك الدول النامية التي تتعرض لتحديات اقتصادية¡ ومحوطة بدول غير مستقرة¡ وعليه ولمزيد من الاستقرار والقوة أقترح الخطوات الآتية:
أولاً: الجبهة الداخلية هي أهم الجبهات وأهم ما في الجبهة الداخلية هي تلك العلاقة الوثيقة بين القيادة والشعب¡ وتلك الثقة التي يوليها أبناء هذا الوطن بكل اطيافه لهذه الكيان وقادته¡ فالقائد هو صمام الأمان¡ سواء كان ذلك القائد على رأس دولة أو قائد مدرسة ابتدائية في قرية نائية¡ حسن اختيار القائد يعني تحسين أداء المؤسسة والاهتمام بعنصرها البشري¡ والمملكة من أغنى الدول العربية من حيث الكفاءات البشرية التي لا ينقصها التأهيل أو الإخلاص¡ ومن أهم ما يجب العمل عليه في الجبهة الداخلية هو خلق اقتصاد قوي بشركات قوية تقضي على البطالة والفقر¡ وترتقي بالخدمات التي تقدم للمواطن¡ والإسراع في إصلاح التعليم والاهتمام بالصحة والسكن¡ ويتحقق هذا بصورة مذهلة مع حسن اختيار القائمين عليها¡ ودعمها بما تحتاجه من مقومات النمو¡ ومن أسوأ ما يصيب المؤسسة هو وجود الخلاف الذي يعرقل الإصلاح ويمنع التنسيق والتكامل.
ثانياً: الفساد هو أكبر معاول الهدم للدول والمؤسسات والشركات¡ وهو أهم أسباب هدر الوقت والمال وتعثر المشاريع وسوء تنفيذها¡ وكل دولة امتلكت القوة وتقدمت وضعت مكافحة الفساد على سلم أولوياتها¡ وعلى سبيل المثال لا الحصر أصبحت سنغافورة واحدة من أفضل الدول من حيث بنيتها التحتية ونظافة البيئة ودخل الفرد ومستوى المعيشة بفضل إصرار رئيس وزرائها السابق لي كوان على محاربة الفساد بصبر وإصرار¡ وبفضل بنائه مؤسسات سياسية واقتصادية واجتماعية كفلت لسنغافورة حسن اتخاذ القرار والاستقرار واستمرار التقدم. لقد كانت سنغافورة غارقة في التخلف¡ يعيث فيها الفساد والفقر¡ وكان دخل الفرد لا يتجاوز 400 دولار حين استقلت من بريطانيا ليقفز خلال ثلاثين سنة إلى أكثر من 30000 دولار دون وجود أي مصادر طبيعية سوى الاستثمار في الإنسان تعليماً وتدريباً.
ليتحسن الاقتصاد الذي هو العمود الفقري لما عداه¡ علينا أن نعلنها حرباً مستمرة على الفساد كما أعلناها حرباً على الإرهاب¡ فالفساد أخطر وأكثر ضرراً من كل ما عداه. علينا أن نبعد المفسدين عن المناصب المهمة¡ والمؤسسات التي تقدم الخدمة للمواطن¡ ونفعل الحوكمة ونستفيد مما تقدمه التقنية¡ ونقوي الهيئات الرقابية ومنها الدور الرقابي لمجلس الشورى حتى تقفز المملكة إلى مصاف الدول المتقدمة في مجال الشفافية ومحاربة الفساد¡ وهذا الدور مهم وضروري¡ وأفضل من يقوم به مجلس الاقتصاد والتنمية¡ فلا تقدم ولا تحول ناجحاً ولا تحقيق للرؤية إلا إذا تحققت الشفافية.
ثالثاً: المملكة لديها سياسة ثابتة في علاقاتها مع الدول الكبرى في العالم ومع دول الجوار¡ ففي علاقتها مع الدول الكبرى كانت العلاقات المتميزة خير معين على تجنيب المملكة ما مرّت به الدول التي راهنت على قطب واحد¡ كما أن علاقة المملكة مع دول الجوار ومد يد المساعدة لها قد أعطاها دوراً مميزاً وفاعلاً¡ وكان آخرها إسهام المملكة في حلّ الفراغ الرئاسي في لبنان. ويظل اليمن جرحاً نازفاً وبحاجة إلى حل سياسي عاجل يعيد السلطة الشرعية ويمنع الانقلابيين من السيطرة على اليمن¡ ويضع الأسس لعلاقات متميزة وتحالف استراتيجي وتعاون بعيد المدى¡ حلّ يحول دون تحول اليمن إلى ميدان حرب أهلية تجد فيها داعش والقاعدة والدول المتربصة وتجار السلاح ضالتها. السياسة هي فن الممكن¡ وهي البحث الدائم عن أفضل الحلول المتاحة أمام عدد من الخيارات.




إضغط هنا لقراءة المزيد... (http://www.alriyadh.com/1548066)