تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : العلاقة بين ألفة الشيء ومحبته



المراسل الإخباري
11-27-2016, 19:43
الإنسان يحب ما يألف ويخاف مما يجهل..
يميل ويرتاح لما يعرفه ونشأ عليه¡ وينفر ويهرب مما يجهله ولم يسبق له تجربته..
معظمنا يفضل اختيار المؤكد والمعروف بدل المجازفة واختيار الاحتمالات الغامضة..
لهذا السبب نقول "الله لا يغير علينا" رغم علمنا بوجود من هو أفضل منا.. ولهذا السبب حين نخير بين شيئين¡ نختار بدون تردد "الشيء" الذي نعرفه وسبق لنا تجربته.. ولهذا السبب أيضا قد ننكر الحق والصحيح لمجرد أننا لا نعرفه أو لم نفهمه جيدا.. كما قال القائل:
الحق ينكره الجهول
لعدم التصور والتصديقا
فالإنسان عدو لما هو جاهل
فإذا تصوره يعود صديقا
لدي صديق مايزال يذهب لتركيا بشكل سنوي منذ ثلاثين عاما.. أتفهم جيدا شعوره بالألفة والارتياح لنفس المكان الذي يسكن فيه كل عام.. غير أنني في المقابل ألزمت نفسي برؤية دول وثقافات لا أعرفها ولم أزرها من قبل.. وبهذه الطريقة زرت أكثر من 80 دولة خلال نفس الفترة التي كان يجلس فيها في شرفة منزله يتأمل نفس البحيرة..
وكي لا أظلم الرجل أشير إلى أنه من الطبيعي أن نميل للمألوف والمعتاد وما جربناه سابقا.. ولكن الاستسلام لهذا الطبع العفوي يدمر فينا روح المغامرة ويجعلنا نكرر أنفسنا بوتيرة مملة.. يجعلنا (منمطين) نملك معايير مستمدة فقط مما نعرفه ونألفه ونشأنا عليه.. يصبح ما نحبه ونألفه مقياسا لكل شيء¡ ومحورا لما يجب أن يدور حوله كل شيء¡ حتى الأجيال التي ولدت بعدنا..
فهمك لهذه الآليات يفيدك في توسيع خياراتك وفهم دوافع قرارات.. فحين تميل مثلا لاختيار شيء تعرفه توقف قليلا وقل لنفسك "لماذا لا أجرب اليوم شيئا مختلفا".. وحين تجد نفسك مترددا حيال أمر مجهول (كالذهاب لدولة لا تعرفها) يمكنك التخفيف من مستوى حيرتك وقلقك (بل ورفع مستوى إصرارك) من خلال الاطلاع وقراءة المزيد حولها.. وبدل أن تقرأ ما يتفق فقط مع أفكارك وآرائك (وبالتالي تزداد جهلا بما يدور حولك) اكسر هذه القاعدة وتعلم الاطلاع على وجهات النظر التي تختلف معك.. وبدل اختيار أصدقائك للعمل معك (لمجرد أنك تحبهم وترتاح لوجودهم) تبنَّ معايير تعتمد على كفاءة من يعملون حولك.. وبدل الاستسلام للأعراف والتقاليد وتصبح مثل الذين قالوا "وجدنا آبائنا كذلك يفعلون" اكسر القاعدة وتعلم تقييم الأشياء بطريقة لا تتضمن أي أفكار موروثة..
إن لم تبدأ بفعل ذلك (وتفهم العلاقة بين ألفة الشيء ومحبته) تصبح بمرور السن شخصا جامدا متعلقا بالماضي.. يصبح الأمس بالنسبة إليك مصدر راحة واطمئنان كونه واضحا ومجربا فقط.. ما لم تكسر سطوة المألوف ستعاني بمرور العمر من مشكلة الاندماج مع المتغيرات الجديدة وتصل مبكرا لمرحلة "لكي لا يعلم بعد علم شيئا"..
.. باختصار شديدº
افهم الرابط بين ألفة الشيء ومحبته¡ كي تبدأ من اليوم بمخالفته والعمل عكسه..




إضغط هنا لقراءة المزيد... (http://www.alriyadh.com/1550686)