تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اليمين البديل..!



المراسل الإخباري
11-30-2016, 23:47
القوى السياسية في الدول الديمقراطية لم تعد حكراً على من يمارسون السلطة¡ فقد ظهرت أحزاب وتجمعات وحركات شعبوية تمارس حقها في التعبير¡ والترشح¡ والترشيح¡ وتناضل من أجل ايدولوجيا التغيير وليس التوجيه في مجتمعاتها¡ وبالتالي أصبحت الجماهير تنفرد بأصواتها وراياتها¡ وأيضاً أجنداتها¡ وتفرز مواقفها المعلنة بعيداً عن أي تأثيرات أخرى كانت مصدراً لقرارها وتوجهاتها السياسية السابقة.
إن توافر المعلومات لا يعني المشاركة السياسية في وقت قريب¡ ولا يعني أن الأفراد دائماً ستكون لديهم القدرة على الاتصال والمشاركة¡ ولكن اللافت في الانتخابات الأميركية الأخيرة أن الجمهور أصبح مؤثراً عن ذي قبل¡ وتفوق على توقعات وسائل الإعلام واستطلاعات الرأي¡ وتجاوز تأثيرات النخب¡ وقال كلمته التي غُرست ثقافياً على مدى عقود نحو التغيير¡ وبالتالي كان توافر المعلومات عن المرشحين دافعاً للمشاركة السياسية¡ وبعضها أو معظمها تحمل توجهات إيديولوجية¡ ونزعة إلى التطرف¡ والعنصرية¡ مدعومة بحركات تغيير في أوساط تلك الجماهير.
"اليمين البديل" في أميركا أحد أهم إفرازات انتخابات السباق للبيت الأبيض¡ وكانت تحتضن توجهات الرئيس المنتخب دونالد ترامب بعد أن استعان بأحد رموزها ستيفن بانون صاحب موقع "برايت بارت" الإخباري الشهير مديراً لحملته الانتخابية¡ ثم كبير مستشاريه الاستراتيجيين¡ وهذه الحركة -التي نفى ترامب ارتباطه بها وبتوجهاتها العنصرية المتطرفة- ترفع شعار "الهوية البيضاء" بحسب زعيمها ريتشارد بي سبنسر¡ الذي عبّر صراحة بقوله أن أميركا تنتمي للبيض من "أبناء الشمس" و"سلالة الفاتحين" و"المبدعين" الذين هُمشوا في الماضي¡ مؤكدا أنهم الآن في عهد ترامب "قد استيقظوا للتعرف على هويتهم الخاصة".
هذه الأصوات اليمينية المتطرفة في أميركا تهدد مستقبلها¡ وعلاقاتها¡ وحريتها¡ وتفتح الطريق نحو تغيير حقيقي نحو الأسوأº فأميركا دولة المؤسسات تنكشف على حركة جديدة ليس في مواقفها مع الآخر¡ وإنما في نهش الجسد الأميركي الحر من الداخل¡ وتترك مع خطابها المتطرف انقساماً حاداً بين أبناء الشعب الواحد المتصالح مع دستوره منذ قرون.
فوز ترامب أحدث انقساماً هو الآخر بين الأميركيين¡ بل وبين أنصار الحزب الجمهوري¡ وهذه حقيقة يتعامل معها الرئيس المنتخب على أنها تحدٍ جديد¡ وصعب¡ خاصة أن هناك أصواتاً متطرفة بدأت تستيقظ على التغيير¡ وتنسجم مع خطاب ترامب في الانتخابات¡ وربما تنكفئ بعد انتهاء المهمة¡ أو تستمر في الضغط لتحقيق مكاسب الأفعال بعد الأقوال.
لقد ترك فوز الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب تصاعداً في مزاج الناخبين الأوروبيين أيضاً نحو اليمين¡ وأقربها فوز المحافظ فرنسوا فيون بفارق كبير في الانتخابات التمهيدية لليمين الفرنسي للانتخابات الرئاسية العام 2017¡ والقلق المتزايد أن تنتقل حمّى اليمين من أوروبا الشرقية إلى الغربية¡ وتبرز زعامات مدفوعة من حركات شعبوية لتقرير مصير قارة بحجم أوروبا.
اليمين الذي ظل لسنوات يناضل من أجل مشروعه المتطرف¡ بدأت ترتفع أصواته في أميركا وأوروبا¡ والخطر ليس في تقرير المصير¡ وحرية التعبير¡ وإنما في تقسيم الشعوب التي ظلّت لقرون تحمل مفاهيم الحرية¡ والعدالة¡ والمساواة¡ والتعايش¡ والمصالح الإستراتيجية في بناء علاقاتها الدولية من دون أي مؤثرات إيديولوجية¡ أو عنصرية.
التطرف لم يعد حكراً على مجتمع¡ أو لون¡ أو دين¡ أو مذهب¡ أو حتى نظام شمولي أو ديمقراطي¡ وإنما أصبح لافتاً في خطاب الوصول إلى السلطة¡ واستمالة الشعوب التي تبحث عن التغيير¡ ولهذا لا يمكن أن تتوقف مهمة "اليمين البديل" في أميركا في إيصال ترامب إلى البيت الأبيض¡ ولكن ربما سيكون هذا اليمين أكثر تأثيراً في قراره خلال الشهور وليس السنوات الأولى من حكمه!.




إضغط هنا لقراءة المزيد... (http://www.alriyadh.com/1551359)