المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آخر الاقتصاديات الشمولية



المراسل الإخباري
12-13-2016, 17:25
كان الروس زمن الشيوعية يعتبرون شراء السلعة بسعر ثم بيعها (بسعر أعلى) غش وخداع.. تعلموا أن الربح الفردي غير أخلاقي ومخالف للقانون¡ وأن الحل البديل هو "الجمعيات التعاونية" التي تبيع السلعة بسعر إنتاجها..
غير أن إغلاق فرص الربح والتكسب في الأنظمة الشمولية (أو الشيوعية حيث تتحكم الدولة باقتصاديات السوق) تسبب في تدني الخدمات وكساد التجارة وقتل روح المنافسةº لأن ما من إنسان يرغب في عمل لا يحقق ربحا..
وفي حين كانت الأنظمة الشيوعية تبذل جهودا كبيرة لتثبيت الأسعار¡ تركت الأنظمة الرأسمالية أسواقها حرة ومرنة تخضع لميزان العرض والطلب وتتأقلم بسرعة مع إمكانيات الناس واحتياجاتهم..
وبحلول عقدي الثمانينيات والتسعينيات وصلت روسيا والصين وشرق أوروبا إلى طريق مسدودة¡ واضطرت للعودة بالتدريج للفكرة الأزلية القديمة (البيع على أساس الربحية).. تقبل الناس بالتدريج فكرة "التربح" منهم مقابل عيشهم في رفاهية وترف واقتصاد يمنحهم -هم أنفسهم- فرصة الربح من الآخرين!!
وبالإضافة للوفرة وسرعة التأقلم تجنح الأسواق الحرة بطبيعتها لتخفيض الأسعار بمرور الوقت¡ ولمستويات تقل عما كان شائعا في الأنظمة الشيوعية القديمة.. فالتنافس المحموم يجبر البائعين على تخفيض أرباحهم¡ والمصنعين على خفض تكاليف إنتاجهم¡ والشركات على رفع جودة السلعة ذاتها.. وهكذا تميل أسعار المنتجات للانخفاض بالتدريج رغم الارتفاع المستمر في جودتها وأدائها (وقارن بنفسك أسعار التلفزيونات والكمبيوترات هذه الأيام بما كانت عليه قبل خمسة أعوام مثلا)..
والحقيقة هي أن الانخفاض المتواصل في أسعار السلع وصل حد توزيع بعضها مجانا (بهدف ربط الزبون بمنتجاتها).. فقبل عامين مثلا دخلت متجرا لبيع ماكينات القهوة منحني ماكينة اسبرسو مجانية.. واليوم تسببت هذه الماكينة في إدماني للقهوة وشرائي الدائم للكبسولات الخاصة بالشركة المصنعة لها فقط..
وكانت شركة الحلاقة المعروفة Gillette أول من ابتكر هذه الطريقة الماكرة قبل خمسين عاما.. ففي عام 1966 بدأت توزع مكائن الحلاقة مجانا على المارة والمتسوقين.. ولأنها مجانية أخذها الجميع فاحتكرت خلال أسابيع سوق "شفرات الحلاقة" التي تعمل عليها.. وهذه الفكرة يتم تطبيقها اليوم مع منتجات كثيرة تقدم لك الجهاز الرئيسي مجانا أو بثمن زهيد¡ في حين يأتي ربحها من بيع الخدمات والمنتجات المتعلقة بها (مثل الطابعات وأجهزة الفاكس التي تباع بثمن بخس¡ ثم تشتري الأحبار التي تعمل عليها فقط بثمن باهظ)!!
وكل هذا يؤكد أن العيش في ظل اقتصاد حر (لا يحكمه غير ميزان العرض والطلب) يصب في النهاية لصالح المستهلك نفسه.. صحيح أننا نتعرض بين الحين والآخر لغلاء الأسعار وجشع التجارº ولكننا على الأقل نملك منتجات بديلة تمنحنا فرصة المقاطعة وتغيير السلعة..
وهذه بدون شك مزايا لا تتوفر في الاقتصاديات الشمولية المراقبة حيث الإنتاج شحيح والخيارات معدومة والسلع محسوبة¡ لدرجة لم يكن يحق للسائح الشراء من المتاجر المخصصة للمواطنين في روسيا والصين وكوريا الشمالية (آخر الاقتصاديات الشمولية هذه الأيام).




إضغط هنا لقراءة المزيد... (http://www.alriyadh.com/1554309)