المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السياسة الخليجية إلى أين..¿



المراسل الإخباري
12-13-2016, 17:25
دول الخليج ليس أمامها في ظل هذه الظروف المحيطة بها سوى العمل على تطوير نموذج لوحدتها وفقاً لبعدين مهمين: البعد السياسي والبعد العسكري..
خلال سنواته السبع والثلاثين استطاع مجلس التعاون الخليجي أن يضع الكثير من التقاليد السياسية في مسار أكثر مرونة وقابلية للتغير¡ فالأنظمة السياسية الخليجية تشكلت وتطورت وفق مفاهيم ارتكزت على ثلاثة مسارات: اجتماعية تاريخية¡ ثروات طبيعية¡ قيم سياسية بنيت داخل أنماط دينية مشتركة. الأربعة عقود تقريبا التي عمل فيها مجلس التعاون الخليجي ساهمت وبشكل عملي في وضع القضايا الأكثر صعوبة وتحديا أمام اجتماعات قادة مجلس التعاون¡ ولم تكن الرهانات السياسية العالمية تتوقع من هذا المجلس في بداياته سوى نموذج بروتوكولي يصعب عليه الاندماج في قضايا مشتركة ويقدم الحلول لها.
لم تكن الانتقادات هادئة حول وعن دول المجلس الذي أنجز تحولا تاريخيا باستمراره في وسط بيئات سياسية متلاطمة فدول الخليج توجد في منطقة مشتعلة منذ بدايات القرن العشرين والحروب العالمية وحروب المنطقة العربية وقيام دولة (إسرائيل) والحروب العربية المتزامنة معها والثورات العربية وصعود الراديكالية الدينية في المنطقة وقيام الثورة الإيرانية والحروب الخليجية ونشأة المنظمات الإرهابية وأحداث الحادي عشر من سبتمبر واحتلال العراق والثورات العربية وصعود الطائفية والحروب الأهلية في البلدان العربية ولا نعرف بشكل دقيق ماذا ينتظر هذه المنطقة في المستقبل.
مع كل هذا التاريخ الحافل بالأزمات التي أحاطت بمنظومة هذه الدول ظل الخليج بلا صراعات ثنائية بل كان الخليج يشعر بالتقارب بشكل مستمر وتلقائي¡ فالتكوين التاريخي لهذه الدول والتماثل الكبير في مؤسسات الحكم والتقارب الأسري بين مؤسسات الحكم والتكوينات المجتمعية في هذه الدول ساهم وبشكل كبير في الإعداد لنشوء مؤسسة خليجية تم تسميتها مجلس التعاون الخليجي¡ وخلال هذه السبعة والثلاثين عاما من عمر المجلس مرت دول المجلس بالكثير من الاختبارات التاريخية ومن الواضح أن الصمود الخليجي أمام هذه الأزمات يعزز مستوى التقارب.
من المؤكد أن هناك اعترافا كبيرا بالشحنة التاريخية المتواجدة في نموذج مؤسسات الحكم في الخليج وكذلك الشعوب وهذا الاعتراف يملأ بأسلوب عملي مؤسسات الحكم الخليجية وكذلك الشعوب المتماثلة¡ كما أن المسار السياسي في المنطقة الخليجية لم يلجأ طوال فترة تاريخية إلى كسر القواعد والقيم السياسية التي بنيت عليها هذه الدول.
ورغم صعود الشعوبية والإسلام السياسي في مراحل كثيرة من تاريخ العالم العربي إلا أن المسار الخليجي بقي متوازنا يمارس دوره بما يشبه الدفاعات الطبيعية التي ينتجها الجسد البشري في حال تعرضه للخطر¡ الخليج الذي اختار التعاون تباين كثيرا خلال السنوات السبع والثلاثين من عمره وفي منعطفات سياسية مهمة¡ ومع ذلك بقيت التقاليد السياسية لدول الخليج خطوطا واضحة يصعب تجاوزها عطفا على حجم التباين في المواقف السياسية أو الاقتصادية.
التشكيك العالمي والمحلي حول هذه المنظومة الخليجية دائما ما يطرح فكرة الاقتصاد والسلطة وأنها محور هذه المنظومة¡ والحقيقة أن الاقتصاد عامل رئيس ومؤسسات الحكم مهمة ولكن الذي يغيب أن التجربة الأوروبية ورغم عمقها التاريخي الكبير وقوتها الاقتصادية وتماثلها الشديد في بنائها السياسي لم تستطع الصمود رغم أن التاريخ يصنفها ككتلة جغرافية يصعب عدم انسجامها¡ اليوم يثبت الاتحاد الأوروبي أن العوامل المتعددة والمتغيرات ذات القوة التأثيرية كالاقتصاد وغيره لم تعد علاقاتها ذات معان علمية في ترسيخ الاتحاد بينها.
اذن السؤال المهم اليوم كيف يمكن تحقيق الفهم لدول الخليج وكيف سوف تساهم الشعوب الخليجية في ترسيخ هذه المنظومة¡ التي تبلغ سن الرشد في عمرها بعد ثلاث سنوات من الآن..¿ لا يمكن إغفال القوة الاقتصادية التي صنعت من دول الخليج مركزا تنمويا دوليا¡ ولكن هذا لم يكن السبب الوحيد الذي ساهم في تماسك هذه الدول¡ أعتقد أن تنامي دخول الخط الشعبي الاجتماعي في التأثير على الخط السياسي والمشتركات في تكوينها ساهم وبشكل كبير في إذابة الكثير من المنعطفات السياسية التي اتسمت في وقت ما بالصلابة السياسية ولكن بناء المنظومة ساهم في الحاجة إلى التعامل بشكل مختلف معها.
الشعوب الخليجية لمن يريد أن يفهمها تساهم وبشكل فعال في تعريف منظومتها على المستوى الاجتماعي¡ بمعنى دقيق هناك تصاعد مستمر من المطالبات الشعبية في الخليج نحو تحقيق خطوات أكثر حول فكرة الاتحاد الخليجي وتطوير مساره السياسي والأمني¡ ودول الخليج ليس أمامها في ظل هذه الظروف المحيطة بها سوى العمل على تطوير نموذج لوحدتها وفقا لبعدين مهمين البعد السياسي والبعد العسكري واعتقد أن فكرة الوحدة الخليجة تواجه اتساعا كبيرا في الأفكار المطالبة بهذه الوحدة.
دول الخليج تدرك أن فكرة الوحدة سوف تولد وفق نموذج وخيارات كثيرة¡ ولكن التجربة الخليجية أثبتت خلال ما يقارب أربعة عقود أنه يمكن الحوار والنقاش حول كثير من القضايا الحساسة والمهمة¡ ولكنها في النهاية تجد طريقها إلى الحل كما في كثير من الإنجازات التي حققها المجلس¡ فمثلا العلاقات الخليجية البريطانية خلال القمة الماضية تثبت أن هذه الدول لديها الكثير من الخيارات والوسائل لتحقيق أهدافها وصناعة تحالفات تخدم هدفها الأسمى وتحقيق وحدة خليجية مثمرة واستخدام التاريخ والاستعانة به كما في التعاون مع بريطانيا الذي شكل جزءا مهما من تاريخ المنطقة والمقال القادم سيكون (لماذا الخليج وبريطانيا).




إضغط هنا لقراءة المزيد... (http://www.alriyadh.com/1554239)