تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ما بعد مورافيا



المراسل الإخباري
12-19-2016, 02:36
بمناسبة نشاطات معرض الكتاب في جدة التي اتسمت من بدايتها بالجدية في التنسيق والتنظيم¡ وبرغم المشاركة التي كان المؤمل أن تكون أكثر من الخارج¡ لكن الظروف الماثلة في أكثر من دولة عربية تعكس الحالة المسببة لعدم المشاركة أو التمكن منها¡ فهناك ما يتعلق بالوقت¡ وما يندرج تحت مظلة سياسة البلد الذي يمثله الناشر¡ وقد كانت المشاركة للدور المحلية بارزة بكثرتها حسب إمكانات كل دار.
الذي لفت النظر في ما عُرض من أعمال إبداعية كانت الأولية للرواية¡ ثم الشعر¡ وما بقي تفرق في شؤون معرفية مختلفة¡ فالرواية المحلية متوفرة¡ والرواية المترجمة حاضرة بكثافة خصوصاً عند بعض الدور العربية العريقة التي كانت ولا تزال تحتل المقدمة في المبادرات الملاحقة من قبل الآخرين¡ وذلك في منافسة إن كانت مادية فالقارئ هو المستفيد¡ فأعمال دوستويفسكي¡ وتولستوي¡ وربما جميع مؤلفاتهما التي اعتدناها منذ عقود مترجمة من قبل مترجمين محترفين¡ ومقرصنة من قبل متطفلين¡ وبجانبها أعمال شارلز ديكنز¡ وفيكتور هيجو¡ وفوكنر¡ وهيمنجواي¡ وبروست¡ ومارغريت ميتشل¡ وشارلوث برونتي¡ وشكسبير¡ حتى سرفانتس (باستثناء المترجمات الحديثة لكتاب جدد)¡ فهذه تمثل في نظري محاولة من الناشرين تعريف الأجيال متعاقبةً على الأعمال التي تعتبر خالدة¡ فقد كانت ولمّا تزلْ لها سمعتها بين المتلقّين¡ ولا نبخس الجيد من المنتج الجديد حقه.
في هذه الرحلة المقتضبة طرأ على ذهني كاتب كان قد استولى على الساحة الثقافية فترة طويلة حيث كان محل دراسات ومقابلات بما قدم من روايات لافتة نال على إثرها جائزة نوبل¡ ولكن كتبه التي كانت ملء السمع والبصر في فترة ماضية لم تعد تذكر في الساحة العربية مثل من ذكرت قبلاً.
أقصد الكاتب الإيطالي الشهير (البرتو مورافيا) فرواياته في مقدمتها (السأم¡ الاحتقار¡ الانتباه¡ امرأتان¡ أنا وهو¡ وقصص النائمة) لم يغد لها ذكر عند الناشرين العرب¡ وقد كانوا محتفلين بطريقته ونهجه في الكتابة المتمثلة في علاقات ما بين الجنسينº صداقةً¡ وعملاً¡ وحباً¡ وإبداعاً¡ فقد حاول تقليده بعض الروائيين العرب¡ فأسرفوا وخارت قواهم في مواصلة المشوار¡ وقد توجه كاتبون وكاتبات إلى محاولة التطرق إلى المواضيع التي طرحها "مورافيا"¡ ولكن كان الابتذال والتسطيح وتوظيف الجنس للجنس والإثارة فقط عكس مورافيا الذي كان (الجنس) عندما يرسمه في مشهد فإنه يكون من مكملات الصورة التي يريد أن يوصلها للمتلقي كمعرفة بسالبها وموجبها كما الطبيب النفساني عندما يقوم بعملية التحليل ومن ثم العلاج.
ما بعد مورافيا طرأ هجوم كاسح على المسائل الإيروتيكية من قبل شبه المراهقين والمراهقات¡ مثل حنان الشيخ¡ وإلهام منصور¡ ومن قبلهما ليلى بعلبكي على مستوى أخف¡ وبعض الأسماء المحلية المختلقة والصحيحة (ذكور/إناث) التي سلكت في طريق الهيام والغرام والجنس دون إدراك للأبعاد المستوجبة للدخول في موضوعات لها حساسيتها ولها موجبات في حالات يكون القصد منها التوجيه والتصويب¡ فمورافيا غلبه من بعده لأنه توقف في أعماله عند معنى الأدب وسار في حدوده¡ وأما من بعده فقد اكتسح الحدود ونبذها ركلاً من أجل أن يطل إطلالة هشة تتلاشى في حينها.




إضغط هنا لقراءة المزيد... (http://www.alriyadh.com/1555513)