المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإدارة.. والإرادة السياسية الدافعة



المراسل الإخباري
12-25-2016, 04:18
يُجمع المفكّرون على أن السياسة في مبناها ومعناها كـ(عِلم وفن).. ماهي إلّا إدارة موارد المجتمع¡ بكفائة واقتدار¡ والدفع بها نحو تحقيق المزيد من الرفاه والخير والأمن والاستقرار للمواطنين جميعاً¡ وإن تحدّي العصر وسائر العصور عبر مختلف مراحل تطوّر تاريخ البشرية¡ يكاد يكون في شكله ومضمونه العام والخاص مجرّد تحدّي الإدارة والإدارة السياسية والإرادة الدافعة الذي يواجه قيادات العمل السياسي والاقتصادي التي تتصدّى للتغيير في جميع المجالات عبر كل السبل وبكل الوسائل العلمية الممكنة.
لعل واقع الحياة المعاصرة الذي نعيش أحداث تبدّلاته وتحوّلاته البارزة في كل ناحية من نواحي حياة المجتمعات والناس¡ يثبت بما لا يدع مجالاً للشك صحة ومصداقية تعويل علماء التاريخ والإدارة والإجتماع على الإدارة الجيّدة في الزحف المحدّد للغايات من أجل التطوّر والتقدّم اللذين يتطلّع صوبهما آلاف ملايين الناس في شتى بقاع الأرض دون استثناء في هذا العصر.
لقد أثبتت التجارب أن القادة القادمين بحزم وعزم على تغيير وتجديد مجتمعاتهم لا يستغنون عن النظر والتعرُّف على قضايا الإدارة¡ والإدارة السياسية بالذات¡ والإنضباط لها والإلتزام بها على كل الصعد في نطاق التطبيق¡ وهو ما يعتبر تجسيداً للإرادة السياسية اللازم توفّرها لإحراز أي نجاح.
الكثير من قادة الفِكر في التاريخ والسياسة والإدارة المهتمين بإصلاح المجتمعات وتجديدها يصرحون تارة ويلمحون تارة أخرى¡ على اختلاف مشاربهم الفكرية وإتجاهاتهم السياسية بما يشبه الإجماع على أولويات مشتركة في الإدارة السياسية تتلخص في إيجاد أهداف محدّدة وواضحة¡ وإرادة سياسية وجماهيرية دافعة نحو تحقيقها مهما كانت جسامة التضحيات¡ وتتمتع بأهمية بالغة في أن تكون قيادات الإدارة السياسية مقتنعة بحيوية تلك الأهداف ولديها نزوع سياسي مجتمعي خاص بصوابها ووجود تعبئة سياسية مجتمعية فاعلة ومتجهة نحو العمل لتحقيقها بكثير أو قليل من الجهود والتضحيات.
هنا يجب التذكير بقاعدة في السياسة¡ ألا وهي: أنه ليس أخطر في السياسة من اتباع الرؤى الغائمة المقاصد في الحياة¡ وأن السير في غبار اللامبالاة نحو المجهول مسار محفوف بالأخطار والعثار¡ فعلم وفن الإدارة¡ والإدارة السياسية على وجه الخصوص¡ يوجب على القادة النظر في توافر مشروعية مقبولة لأهداف السياسة المرسومة طبقاً لقِيم العصر ومبادئ السياسة وموازين القوى الدولية¡ مالم فقد يقع الساسة -بوعي أو بدون وعي- في محاذير عدم ضبط حسابات الربح والخسارة في العملية السياسية.
من المفيد التذكير في هذا المقام أن الحياة السياسية تتكفل بشكل أو بآخر بمسألة إعطاء الإدارة في السياسة للأصلح والأجدر سواءً كان فرداً أو جماعة¡ وإن المصادفات مثل الوقائع في التاريخ محكومة بقوانين من حيث يدري البشر أو لا يدرون¡ وهي تتكفل بوضع الجدير عاجلاً أو آجلاً بين يدي قادة المؤسسات الرسمية والهيئات المدنية في إطار ما يسمّى حق الرقابة المشروعة على الإدارة في نهاية المطاف.
كما أنه من المفيد أيضاً الإشارة إلى أن أمامنا تجربة عربية متفرّدة في الشكل والمضمون¡ جاءت بإرادة سياسية قوية ودافعة¡ تستهدف خلق واقع جديد يتسم بالعمل الدؤوب والإنتاج وعدم الإتكالية¡ وتحويل المجتمع المستهدف من هذه التجربة¡ من مجتمع مستهلك لكل شيء¡ إلى مجتمع منتج معتمد على مصادر متعدّدة من الدخل¡ بعيداً عن الإعتماد الكُلّي على مصدر واحد وهو النفط¡ وهذه المبادرة الجديدة المتمثلة برؤية 2030 التي تبنتها حكومة المملكة العربية السعودية تؤكد بأن التخطيط السليم وتحديد الأهداف الوطنية السامية¡ من شأنه الوصول إلى الغايات المرجوّة والمنشودة لأي شعب من شعوب أمتنا العربية¡ كما أن الأهداف الواضحة لتلك الرؤية¡ تشكّل بادرة ربما تكون الأولى في المنطقة وفي الوطن العربي لوضوح منطلقاتها ومراميها¡ المستهدفة خلق إقتصاد إنتاجي قوي متعدّد المصادر والموارد¡ ولا يعتمد على مصدر واحد¡ بالإضافة إلى تعزيز دور المجتمع في النهوض الحضاري في المملكة¡ وبالتالي تجعل تعدّد مصادر الدخل عاملاً مساعداً لنجاح التخطيط الإستراتيجي والوصول إلى تحقيق الأهداف الوطنية التي تؤمّن الشعب السعودي الشقيق في مرحلة مابعد النفط¡ وهي لعمري رؤية ثاقبة وعلمية تعتمد على معطيات العصر ومتطلباته الملحة وعلى نهج التخطيط السليم وعلى الدور الفاعل للمجتمع.




إضغط هنا لقراءة المزيد... (http://www.alriyadh.com/1557575)