المراسل الإخباري
01-03-2017, 22:01
تقول النادرة الأدبية التي تُنسب للشاعر الكبير عبدالله البردوني¡ إن شاعراً حداثياً جاء إليه يطلب رأيه في قصيدة يقول في مطلعها: "الشمس تُقبّل وجنة حبيبتي". فقال البردوني: "يا بني دعك من هذا الشعر¡ فالشمس تقبّل حتى وجنة الكلب"!
هذه النادرة امتداد لنصوص عديدة يلجأ فيها الناقد أو المتلقي لاستخدام لغة السخرية في التعبير عن موقفه من النص الشعري¡ ففي بعض الأحيان يُفضّل الناقد التخلّي عن اللغة الموضوعية واللغة الحادّة أو العنيفة في تعامله مع القصيدة¡ ويلجأ للغة عفوية وبسيطة تقوم على السخرية¡ إمّا لميل الناقد لهذه اللغة¡ أو لأن النص نفسه يتضمن ما يُغري باستخدام لغة ساخرة ومضحكة بدلاً من اللغة الجادّة. ونتذكّر في هذا السياق عبارة طرفة بن العبد الشهيرة "استنوق الجمل" التي قالها تعليقاً على بيت المسيب بن علس¡ كما نتذكر نقد الأصمعي للبيت الذي يقول:
فما للنوى¡ جدَّ في النّوى¡ قَطع النوى
كذاك النــــــــــوى قطّاعـــــــــةٌ لوصالِ
فقد قال الأصمعي ساخراً من هذا البيت: "لو سلط اللهُ على هذا البيت شاةً لأكلت نواه¡ وأراحت الناس منه". ونتذكر أيضاً السخرية المتبادلة بين أبي تمام وخصومه الذين لم يعجبهم غموض لغته أو اختلافها عن المألوف والسائد¡ ومن الذين سخروا من أبي تمام¡ المرزباني في (الموشح)¡ فقد عبر عن انتقاده لكثرة ورود كلمة "الأخدع" (وهو عِرق في جانب العنق) في قصائد الشاعر فقال: ""فأكثر من ذكر الأخادع. وقال بعض أصحاب الهزل –وقد أنشدته هذه الأبيات-وما كان أحوجه إلى أن يُعاقب في أخدعيه على هذا الشعر".
أعتقد أن للنقد الساخر -برغم طابع البساطة والعفوية-تأثيرا أكبر وأعمق في نفس الشاعر المنتقد¡ ولعل أوضح مثال على تأثير النقد الساخر حديث نزار قباني عن نقد الشيخ علي الطنطاوي لديوانه (قالت لي السمراء)¡ ومن الجميل أن نزار قابل سخرية الطنطاوي بسخرية مماثلة¡ ووصف النقد الذي وُجه لديوانه بأنه لم يكن نقداً "إنما كان صراخ رجل اشتعلت في ثيابه النار"!
نجد في نقد الشعر الشعبي أن نبرة السخرية خافتة إلى حد كبير¡ مع وجود استثناءات قليلة تستحق الإعجاب¡ كنقد الأستاذ إبراهيم الخالدي في صفحته (كرباج)¡ وهي الصفحة الساخرة البديعة التي أعدّها على مدى سنوات في مجلة (المختلف).
هناك صفحات عديدة في المجلات الشعرية اعتمدت النقد الساخر لإنتاج الشعراء¡ لكن غياب تلك المجلات طوى معه تلك الصفحات¡ وغيّب أسماء كان لها أن تتميز في النقد الأدبي الساخر لو وجدت المكان المناسب للاستمرار.
إضغط هنا لقراءة المزيد... (http://www.alriyadh.com/1560056)
هذه النادرة امتداد لنصوص عديدة يلجأ فيها الناقد أو المتلقي لاستخدام لغة السخرية في التعبير عن موقفه من النص الشعري¡ ففي بعض الأحيان يُفضّل الناقد التخلّي عن اللغة الموضوعية واللغة الحادّة أو العنيفة في تعامله مع القصيدة¡ ويلجأ للغة عفوية وبسيطة تقوم على السخرية¡ إمّا لميل الناقد لهذه اللغة¡ أو لأن النص نفسه يتضمن ما يُغري باستخدام لغة ساخرة ومضحكة بدلاً من اللغة الجادّة. ونتذكّر في هذا السياق عبارة طرفة بن العبد الشهيرة "استنوق الجمل" التي قالها تعليقاً على بيت المسيب بن علس¡ كما نتذكر نقد الأصمعي للبيت الذي يقول:
فما للنوى¡ جدَّ في النّوى¡ قَطع النوى
كذاك النــــــــــوى قطّاعـــــــــةٌ لوصالِ
فقد قال الأصمعي ساخراً من هذا البيت: "لو سلط اللهُ على هذا البيت شاةً لأكلت نواه¡ وأراحت الناس منه". ونتذكر أيضاً السخرية المتبادلة بين أبي تمام وخصومه الذين لم يعجبهم غموض لغته أو اختلافها عن المألوف والسائد¡ ومن الذين سخروا من أبي تمام¡ المرزباني في (الموشح)¡ فقد عبر عن انتقاده لكثرة ورود كلمة "الأخدع" (وهو عِرق في جانب العنق) في قصائد الشاعر فقال: ""فأكثر من ذكر الأخادع. وقال بعض أصحاب الهزل –وقد أنشدته هذه الأبيات-وما كان أحوجه إلى أن يُعاقب في أخدعيه على هذا الشعر".
أعتقد أن للنقد الساخر -برغم طابع البساطة والعفوية-تأثيرا أكبر وأعمق في نفس الشاعر المنتقد¡ ولعل أوضح مثال على تأثير النقد الساخر حديث نزار قباني عن نقد الشيخ علي الطنطاوي لديوانه (قالت لي السمراء)¡ ومن الجميل أن نزار قابل سخرية الطنطاوي بسخرية مماثلة¡ ووصف النقد الذي وُجه لديوانه بأنه لم يكن نقداً "إنما كان صراخ رجل اشتعلت في ثيابه النار"!
نجد في نقد الشعر الشعبي أن نبرة السخرية خافتة إلى حد كبير¡ مع وجود استثناءات قليلة تستحق الإعجاب¡ كنقد الأستاذ إبراهيم الخالدي في صفحته (كرباج)¡ وهي الصفحة الساخرة البديعة التي أعدّها على مدى سنوات في مجلة (المختلف).
هناك صفحات عديدة في المجلات الشعرية اعتمدت النقد الساخر لإنتاج الشعراء¡ لكن غياب تلك المجلات طوى معه تلك الصفحات¡ وغيّب أسماء كان لها أن تتميز في النقد الأدبي الساخر لو وجدت المكان المناسب للاستمرار.
إضغط هنا لقراءة المزيد... (http://www.alriyadh.com/1560056)