المراسل الإخباري
01-14-2017, 22:12
الخاصِيَّةُ التي ينفرد بها الشِّعر دون سواه من سائر فنون الإبداع تجيء في كوْنه يخترق الأعالي والأعماق في عملية تجاوز لفظية تَمْثُلُ في شرائح وصور مغايرة لما هو متعارف عليه في المنظور التَّجْريدي الْمُكَوَّن من الألفاظ المباشرة الدَّالة بالتسمية على المسلمات¡ فالليل عند الشاعر هو (موج¡ وجبل)¡ والعينان (غابة) مثل: وليل كموج البحر أرخى سدوله¡ أو: أصحيح أن الليل جبل/ موتى صبار/ تابوت/ إنسان في الفجوات نزل¡ فامرؤ القيس وسمه بالموج¡ وعبدالرحيم نصار وسمه بالجبل¡ وعند بدر السياب العينان (غابة) وفي ذلك ما يقرِّب صورة الشعر التعريفية بأنه يتأتى في التَّصور الذاتي الذي يعتمل في نفس الشاعر ومن ثم يُزئ هذه التفاعلات باللِّباس المناسب لها لكي تصل للمتلقى صافية نقية.
فالشعر هو اللغة السَّباقة للتعبير عن المشاعر الإنسانية بكافة أشكالها¡ في كل زمان ومكان¡ ولمَّا يَزَلْ في المقدمة عند الحديث عن فنون الإبداع¡ بالرغم من الفرادة التي يمتلكها حيث ليس كل إنسان شاعراً¡ وكذلك ليس كل شاعر شاعراً¡ إذ الشعر موهبة في أوله تداهم الشخص ومتى ما تبينت واستوت له مارسها¡ ولكي تكون في مستوى التحرك الأبدى دأب على تطويرها بالمطالعة ونوع التجارب¡ حيث إن الجذور الأولى للموهبة كلما أمعنت في سبر الأغوار والتعمق فيها تمددت¡ ومن ثم أتت بألوان مختلفة امتصتها وهضمتها¡ وتمثلت في عطاءات تشد المتلقي إلى أن يبحث عن المزيد.
(محترقاً في الماء/ غارقاً في اللهب) مجموعة قصائد اختيرت للشاعر الأميركي تشارلز بوكوفسكي من عدة دواوين بين السنوات (1955-1973) عن طريق الشاعر زياد عبدالله¡ انتقاها من المجموعات (بيدها تمسك قلبي - صليب في يد الموت - في شارع الرعب في درب الأسى - محترقاً في الماء غارقاً في اللهب)¡ وقدَّم زياد هذه المختارات بعنوان (الفرق بين شاعر جيد وشاعر رديء هو الحظ): "لم أسلِّم بعد الانتهاء من ترجمة هذه القصائد بصعوبة ترجمة الشعر¡ أو أن الشعر لا يترجم -رأيت وما زلت- أن هذ الاعتقاد يحمل الكثير من البلاهة¡ مؤمناً بدلاً عن ذلك أن ترجمة الشعر أمرٌ شخصيٌ بَحْت¡ وهو خاضع لمزاجيِّة لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تُرَوَّضَ لمصلحة الترجمة والسلام"¡ ويذهب إلى تبرير ذلك بأنه لابد من استعداد ورغبة لاستقبال العمل¡ وذلك بأن يكون لديك هوسٌ بشاعرك ونتاجه قرأته ففهمته¡ فأحببته¡ فأردت أن تُحَبِبَ فيه غيرك وإذا ما تمكن منك هذا الإحساس انتفت صفة الترجمة خيانة أو أن الشعر لايترجم" إن الترجمة الرديئة تأتي من مترجمها الذي لم يكن مهووساً ومحباً لشاعره وما ترجم له¡ أو أنه لا يعرف الوقوع بغرام القصيدة واستحواذها عليه لدرجة الْهَوَسْ¡ وبكلمة أخرى لم يقرأ يوماً قصيدةً فتغيَّرتْ في حياته بعد القراءة "بوكوفسكي شاعر¡ وروائي¡ وقاص¡ وكاتب مقالة¡ ومن أشهر أعماله الروائية والقصصية وما تمثل حياته كسير ذاتية (مكتب البريد - نساء - أجمل النساء - جنوب بلا شمال - الخادم) وعدد من المجموعات الشعرية¡ حيث تصل إلى العشرين¡ من غير المفقود لعدم حرصه في حياته على جمعها إذ كان اهتمامه منصباً على مشاركاته الكثيرة في الأمسيات الشعرية في أميركا وأوروبا¡ وكان همه أن يقول ويترك ماتبقى لغيره.
أختم بشيء من شعره: (قابلت عبقريا):
اليوم قابلت عبقرياً في القطار/ في السادسة من عمره تقريباً/ جلس إلى جانبي/ وبينما القطار يسير على الشاطئ/ وصلنا المحيط/ عندئذ نظر إلي وقال: إنه بشع/ كانت المرة الأولى التي أدرك فيها ذلك.
إضغط هنا لقراءة المزيد... (http://www.alriyadh.com/1562919)
فالشعر هو اللغة السَّباقة للتعبير عن المشاعر الإنسانية بكافة أشكالها¡ في كل زمان ومكان¡ ولمَّا يَزَلْ في المقدمة عند الحديث عن فنون الإبداع¡ بالرغم من الفرادة التي يمتلكها حيث ليس كل إنسان شاعراً¡ وكذلك ليس كل شاعر شاعراً¡ إذ الشعر موهبة في أوله تداهم الشخص ومتى ما تبينت واستوت له مارسها¡ ولكي تكون في مستوى التحرك الأبدى دأب على تطويرها بالمطالعة ونوع التجارب¡ حيث إن الجذور الأولى للموهبة كلما أمعنت في سبر الأغوار والتعمق فيها تمددت¡ ومن ثم أتت بألوان مختلفة امتصتها وهضمتها¡ وتمثلت في عطاءات تشد المتلقي إلى أن يبحث عن المزيد.
(محترقاً في الماء/ غارقاً في اللهب) مجموعة قصائد اختيرت للشاعر الأميركي تشارلز بوكوفسكي من عدة دواوين بين السنوات (1955-1973) عن طريق الشاعر زياد عبدالله¡ انتقاها من المجموعات (بيدها تمسك قلبي - صليب في يد الموت - في شارع الرعب في درب الأسى - محترقاً في الماء غارقاً في اللهب)¡ وقدَّم زياد هذه المختارات بعنوان (الفرق بين شاعر جيد وشاعر رديء هو الحظ): "لم أسلِّم بعد الانتهاء من ترجمة هذه القصائد بصعوبة ترجمة الشعر¡ أو أن الشعر لا يترجم -رأيت وما زلت- أن هذ الاعتقاد يحمل الكثير من البلاهة¡ مؤمناً بدلاً عن ذلك أن ترجمة الشعر أمرٌ شخصيٌ بَحْت¡ وهو خاضع لمزاجيِّة لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تُرَوَّضَ لمصلحة الترجمة والسلام"¡ ويذهب إلى تبرير ذلك بأنه لابد من استعداد ورغبة لاستقبال العمل¡ وذلك بأن يكون لديك هوسٌ بشاعرك ونتاجه قرأته ففهمته¡ فأحببته¡ فأردت أن تُحَبِبَ فيه غيرك وإذا ما تمكن منك هذا الإحساس انتفت صفة الترجمة خيانة أو أن الشعر لايترجم" إن الترجمة الرديئة تأتي من مترجمها الذي لم يكن مهووساً ومحباً لشاعره وما ترجم له¡ أو أنه لا يعرف الوقوع بغرام القصيدة واستحواذها عليه لدرجة الْهَوَسْ¡ وبكلمة أخرى لم يقرأ يوماً قصيدةً فتغيَّرتْ في حياته بعد القراءة "بوكوفسكي شاعر¡ وروائي¡ وقاص¡ وكاتب مقالة¡ ومن أشهر أعماله الروائية والقصصية وما تمثل حياته كسير ذاتية (مكتب البريد - نساء - أجمل النساء - جنوب بلا شمال - الخادم) وعدد من المجموعات الشعرية¡ حيث تصل إلى العشرين¡ من غير المفقود لعدم حرصه في حياته على جمعها إذ كان اهتمامه منصباً على مشاركاته الكثيرة في الأمسيات الشعرية في أميركا وأوروبا¡ وكان همه أن يقول ويترك ماتبقى لغيره.
أختم بشيء من شعره: (قابلت عبقريا):
اليوم قابلت عبقرياً في القطار/ في السادسة من عمره تقريباً/ جلس إلى جانبي/ وبينما القطار يسير على الشاطئ/ وصلنا المحيط/ عندئذ نظر إلي وقال: إنه بشع/ كانت المرة الأولى التي أدرك فيها ذلك.
إضغط هنا لقراءة المزيد... (http://www.alriyadh.com/1562919)