المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجريمة الغادرة.. و«الهياط» المجنون.!



المراسل الإخباري
01-14-2017, 22:12
ربما يأتي من يقول إن مثل هذا المشهد لا يجب الحديث عنه الآن إذ مرت أحداثه منذ عدة أيام¡ ولكن ردود الأفعال على مواقع التواصل الاجتماعي جعلتني أفكر ملياً عن خواطر دارت في ذهني الآن¡ بعد تلك الجريمة الإرهابية التي وقعت في تركيا "إسطنبول " مؤخراً وراح فيها ضحايا كثيرون منهم سعوديون وسعوديات¡ والحقيقة التي استوقفتني تلك العقليات¡ أني تعجبت لعقلية "الهياط" التي يتعامل بها بعضنا مع جريمة كتلك¡ أزهقت فيها أرواحٌ وسالت دماءٌ بريئة¡ لا "ناقة" لها في صراع¡ بمثل ما لا "جَمَل" لهؤلاء المتنطعين في توصيف.
البعض يقول إن مسرح الجريمة كان في مطعم¡ وآخرون يؤكدون أنه ملهى ليلي¡ وأصوات تشير إلى أنه مقهى.. دونما أدنى احترام لمشاعر أسرٍ وأهالٍ فقدوا أحباءهم في جريمة إرهابية بكل المقاييس.
ترك "المهايطة" الجريمة الغادرة¡ وانقسموا بين من يتبرّع باعتبار الضحايا "شهداء" وبين من يرى أنهم "قتلى" سيبعثون على ما كانوا عليه¡ متناسين أنه بعيداً عن هذا وذاك¡ فإن الدم واحد¡ وكل الضحايا قتلوا وغُدِرَ بهم¡ على يد مجرم أو ارهابي استحل دماءهم وأرواحهم في مجزرة غير دينية¡ وغير أخلاقية¡ وغير إنسانية.
انصب الجدال العقيم على مصير الضحايا أو توصيفهم¡ ولم يقترب أبداً من الفاعل الإرهابي والجرم الذي لا يبيحه أي دين سماوي¡ ولا يستسيغه أي منطق بشري.. فهل يعني وجود الضحايا¡ ومعظمهم سياح¡ في ملهى¡ أن دمهم حلال.¿ ولا يستحقون سوى اللعنة أو التشفي لأنهم عُصاة.¿ وبالمقابل لو كانوا في مطعم أو مقهى¡ فهل دماؤهم حرام.¿
للأسف¡ كثيرون من العامَّة يقعون في مطب¡ ويعتقدون أنهم وكلاء الحق على الأرض¡ يحللون هذا¡ ويحرمون ذاك¡ ويمنحون هذا لقب الشهادة¡ ويصمون ذاك بالعصيان ولا يترحمون حتى عليه¡ وهو بين يدي الله.!
هذه الانتقائية في التعامل مع جريمة أساسية¡ هي بالأصل انتهاك حياة إنسان دون وجه حقٍ من دين أو أخلاق أو قيمة إنسانية¡ تضعنا أماما مأساة فكر تتداخل فيه الأحكام¡ وتنبع عن الهوى والالتباس المغلف بتصنيف بغيض وجهل مطبق¡ بأبسط تعاليم الدين الحنيف.
هذا الالتباس¡ هو الذي أوقع بعض شبابنا في فخ التغرير¡ والانطلاق وراء أفكار ناقصة ومشوشة¡ دفعنا ثمنها غالياً في مرحلة من المراحل¡ اعتقاداً بأن منظري التكفير والتضليل¡ هم وحدهم يملكون ناصية الحقيقة المطلقة¡ وأنهم وحدهم الفرقة الناجية¡ وغيرهم في الدرك الأسفل من النار.. لذا انطلقت في توزيع الاتهامات والألقاب بشكل عشوائي شوَّه عقيدتنا الصافية¡ وأساء إلينا بما لا نستحق أبداً.
كل هذا الجدل الكاشف لعقليات مريضة¡ تركت الأصل القاتل¡ وانطلقت في أعنف عملية حسابٍ للمقتول وحاسبته فقط على مكان تواجده¡ وكأنها هي القضية الكبرى. فمتى نعرف أننا لسنا نعلم غيباً¡ ولسنا خَزَنة للجنة أو النار¡ نملك مفاتيحهما¡ فنوزع صكوك الغفران على هذا¡ ونحكم على ذاك بجهنم.
باختصار.. متى نعرف أننا بشر نخطئ ونصيب ولسنا نملك المغفرة والعقاب¡ لا حول ولا قوة إلا بالله.!




إضغط هنا لقراءة المزيد... (http://www.alriyadh.com/1562945)