المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : غريب كامو يخرج للنور 2-2



المراسل الإخباري
01-14-2017, 22:12
طارت الباحثة الأميركية - كما ورد في كراس الثقافة لجريدة النصر المحلية التي تصدر في مدينة قسنطينة - إلى بلد كامو الذي شهد ولادته ونشأته وتألقه¡ وسافرت بين مدنه كلها¡ وبحثت عن البيوت التي سكن فيها وتعرّفت على من بقي حياً من جيرانه ثم بحثت عن أرشيف الجرائد التي اشتغل فيها¡ واكتشفت السر الدفين الذي ظل هناك بين أسطر جريدة محلية أخرى كانت تصدر آنذاك من عاصمة الغرب الجزائري وهران واسمها "ليكو دوران" – أو صدى وهران- حين خطف نظرها خبر صغير عن جريمة حدثت على شاطئ "بويسفيل" صيف 1939
لعلّها الصدفة المحضة التي أوصلتها لصفحات الجريدة للعام 39¡ لكن علينا أن لا ننسى أن الأمر كله ارتبط بشغف غير عادي بالرواية¡ ومثابرة غير طبيعية لاكتشاف خلفية الرواية. وهذا نوع من البحث لم نعرفه نحن العرب لا اليوم ولا في سنوات مضت¡ فقد سطّحنا النّقد واستسخفنا الأدب إلى أن تحوّل إلى مادة ثانوية في الحياة¡ أو مادة تسيء لصاحبها وأحيانا إلى مادة تستهوي المخبولين.
كشفت كابلان تفاصيل الرواية العبثية التي تروي قصة "ميرسو" الذي لم يهتم بموت أمه في دار للمسنين¡ والذي ما إن دفنها حتى انطلق لشاطئ بويسفيل ليستمتع بوقته مع صديق له¡ لكن لسوء حظه التقى بعربيين على الشاطئ ونشب بينهما شجار - وآنذاك كانت السلطات الفرنسية تمنع الجزائريين من دخول الشواطئ التي يؤمها الفرنسيون- ثم ارتكب جريمة قتل غبية لا بسبب كراهية ضد ضحيته بل بسبب أشعة الشمس التي حجبت عنه الرؤية فأطلق أربع رصاصات على العربي. بعد كل هذه المعطيات يحكم عليه بالإعدام لكن كأن الأمر لا يهمه¡ يستقبل الحكم مستسلماً دون رفض أو مناقشة. وحتى حين يزوره رجل دين للصلاة له وطلب الغفران والاعتراف بذنبه¡ يرفض ذلك¡ ولا يجد السكينة إلا في العتمة.
الرواية غريبة في أحداثها¡ مثيرة للأسئلة وقد ترجمت لأربعين لغة¡ وقام بدراستها آلاف الباحثين عبر جامعات العالم. لكن وحدها الأميركية القادمة من شيكاغو كشفت شخصية "العربي" الذي مارس عليه كامو عنصريته¡ وقد فاجأت الجميع حين وصلت إلى أبطال القصة الحقيقيين. وأن ذلك العربي اسمه قدور طويل¡ وأنه يتقن أربع لغات وأن هناك نقاط تلاقي كثيرة بينه وبين كامو.
الغرابة في قصة الغريب أنها لا تتوقف عن العودة بقوالب مختلفة وجميلة.
فقبل ثلاث سنوات أصدر كمال داوود الكاتب الجزائري روايته الأولى "ميرسو - تحقيق مضاد" وهي مستقاة كلها من رواية كامو ونالت في عدة جوائز مهمة في أوروبا¡ وأثارت جدلاً واسعاً في الجزائر دون أن تقرأ. ولا أدري صراحة إن ترجمت للغة العربية¡ لكني أعرف أن "غريب كامو" يصوّر بدقة وضع العربي في المنظور الغربي¡ وأنّه لا يزال ذلك الشخص الذي لا أوصاف محددة له ويستحق الموت لأنه يشكل خطراً ما على شاطئ الحياة الذي يؤمه الغرب ويعتبره من حقه.
هذا الغريب الذي خرج للنور اليوم من البوّابة الأميركية¡ وتبين أنه ابن عائلة محترمة وثرية وشاب جميل أغرمت به شابة فرنسية قبل أن يقتله "ميرسو" ترانا سنعرف من خلاله أن نسلط الضوء على أنفسنا¿ وترانا سنهتم على الأقل بترجمة كتابها ليقرأه "العربي" الذي فقد الثقة في نفسه واقتنع منذ سنوات أنه مجرّد ظل¿




إضغط هنا لقراءة المزيد... (http://www.alriyadh.com/1562954)