تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : العرب والإعجاز القرآني



المراسل الإخباري
01-19-2017, 18:49
مَنْ يُفكّر في الإعجاز القرآني¡ ويخطر له فيه رأيº لن يسلم له نظره¡ ويصلب له رأيه¡ دون أن يعود إلى قراءة تلك الروايات التي جمعتها كتب أهل الأدب عن العرب في نقدها للأشعار¡ وحكمها عليها..
العودة للبدايات ضرورة¡ والرجوع إلى الماضي حتم¡ فكل ما نملكه من أفكار¡ أو معظمها¡ راجع إليه¡ ومُسْتقى منه¡ ومبني على تصوره¡ والخلاف بين المسلمين قديما وحديثا صائر إلى ذلك وعائد إليه¡ فكل نزاع في الرأي وخلاف في القول مصدره الأعظم الماضي وأهله¡ ما قالوا¿ وكيف كانوا¿¡ ولا يملك المسلم في هذه الأعصار¡ وهو يرى الخلاف الممتد والنزاع المستمر بين إخوانه¡ إلا أن يعود إلى ذلكم الأصل¡ ويُطلّ بنفسه على تلك المرحلة¡ فربّما كان له فيها رأي¡ وفُتح له فيها نافذة فهم¡ تحلّ شيئا مما يُقلقه¡ ويزعجه خاطره¡ فيُقدّمه للقراء رجاء ثوابه لا قبوله والإقرار به.
البدايات بريئة كالطفولة¡ والبداية التي أحبّ العودة إليها في هذه المقالات بحول الله تعالى هي بداية العرب في الحكم على الكلام¡ والقول في مبلغ بلاغته وفصاحته¡ وعودتي إليها دفعني لها¡ وحداني إلى التفكير فيها¡ ما آل إليه الحديث عن الإعجاز القرآني عند البلاغيين بعد ذلك¡ فرأيت أن أُقارن بين أحاديثهم عنه وأحاديث العرب في تلك الروايات التي رُويت عنهم¡ واحتفظ بها أهل الأدب في آثارهم¡ فالعرب هم الذين نزل القرآن الكريم عليهم¡ وهم الذين خُوطبوا بآيات الإعجاز فيه "قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا"¡ ولن نعرف سمات الجمال في الكلام¡ ولا صفات الجلال فيه¡ إلا منهم وعن طريق دراسة الفكر البلاغي عندهم¡ فعلى ما عرفوا منها¡ وأدركوا من خباياها¡ وحصّلوا من معرفتها¡ نزل إليهم القرآن الكريم متحديا لهم¡ ومعجزا لسلائقهم¡ وأي تنظير بلاغي خارج تلك الروايات¡ وبعيدا عنهاº فهو اجتهاد من أصحابه في الكشف عن وجوه الإعجاز¡ والبحث عنها¡ ولا يملك صكّ براءة من النقد والمراجعة إلا بقربه منها¡ وصدوره عنها¡ فعلى الوعي البلاغي العربي في بداياته الأولى بُني الإعجاز¡ وقامت الحجة على العرب فيه¡ وما كان للإعجاز أن يكون بعيدا عمّا تعرف العرب من كلامها¡ وتجده من أسباب بلاغته وروعته¡ وما كان لنا أن نخرج في تصورنا للإعجاز عمّا سارت عليه العرب في كلامها من أعراف¡ واقتفت من سنن.
يدعونا إلى هذه العودة¡ ويحدونا لها¡ أمور منها: أننا نختلف كثيرا في تصور الواقع الذي نعيشه¡ ونتجادل في فهم قضاياه¡ وهو وليد الساعة وثمرة الحاضر¡ فإذا كانت حالنا مع الواقع القريب ما نرى من اختلاف فيه وتعارض في فهمهº فنحن في تصور الماضي البعيد أشد اختلافا وأعظم تنوعا¡ وإذا كنا نرى ضرورة مراجعة الواقع¡ وتقليب قضاياه¡ ونفتح للناس حرية النظر فيهº لعلنا نصل من وراء اختلاف وجهات النظر حوله إلى ما يُقرّب من الحقيقة ويُدنينا من الصوابº فنحن إلى فعل ذلك مع الماضي أقرب¡ وللدعوة إليه فيه أسرع¡ فاختلافنا في الماضي¡ وما كان فيه¡ أكثر غموضا وأعظم التباسا¡ ومَنْ يُنادي بالاجتماع لقراءة الواقع¡ ويطلب من الناس عونه فيه¡ وهو يعيشه ويُبصر أحداثه¡ ويُمسي ويُصبح غارقا فيهاº يُنتظر منه أن يطلب ذلك في الماضي¡ وما تأسس فيه من علوم وأفكار¡ فما أثر الماضي وما فيه بأقل من تأثير الحاضر وما يجري على أرضه¡ ومن يستعين بغيره لفهم واقعه¡ وما يحدث فيه¡ مدفوع بفكرته تلك إلى الاستعانة بغيره في إدراك ما كان في تلك الحقب البعيدة.
مَنْ يُفكّر في الإعجاز القرآني¡ ويخطر له فيه رأيº لن يسلم له نظره¡ ويصلب له رأيه¡ دون أن يعود إلى قراءة تلك الروايات التي جمعتها كتب أهل الأدب عن العرب في نقدها للأشعار¡ وحكمها عليها¡ فتلك الروايات تكشف عن جهات الحسن والقبح عند العرب¡ وتُري المتأمل لها المسلك الذي جاء به القرآن الكريم متحديا للعرب¡ ومعجزا لها¡ وكل تلك الروايات من الماضي البعيد¡ وهذا هو قدرنا مع الماضي¡ وهذه علاقتنا معهº إنها علاقة ابن بأبيه وأمه¡ وما كان للابن أن يتنكّر لهما¡ أو ينتسب إلى غيرهما.. وإلى لقاء قريب بحول الله حول تلك الروايات ودلالاتها البلاغية.




إضغط هنا لقراءة المزيد... (http://www.alriyadh.com/1564229)