المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أضغاث مؤامرات



المراسل الإخباري
01-19-2017, 18:49
ليس من أضغاث المؤامرة أن أميركا تخاف من إيران ومن حافظ الأسد وسلالته. فهل ستخاف تركيا¿
الاتهام بالمؤامرة أصبح عند مثقفي المشرق العربي لا يقل خطرا عن الاتهام بالنازية أو معاداة السامية في الغرب.. بينما هو في التكوين الثقافي الغربي جزءا أساسيا من التعاطي مع الأحداث واستشراف المستقبل. أثناء الحديث مع أحد الفرنسيين لفت انتباهي إلى أن المقهى الذي نجلس فيه يعد وكرا للماسونية¡ مضيفا أنه يعرف قياداتهم واحدا واحدا.. في داخلي تقاطعت السخرية مع الفزع¡ تغشاني الإحساس الأول خشية من الانزلاق إلى مستنقع المؤامرة¡ وتملكني الفزع لأنني أميل إلى تصديقه.
هذه المقدمة التآمرية دفعتني إلى هذه الزاوية بعدد من الأسئلة: من الذي غيّر سيد قطب إلى التكفير والعنف¿ لقد كان ميالا للنقد الأدبي¡ ولازم العقاد سنين طوالا¡ وتعلق بالدكتور طه حسين¡ ونسج على غرار "الأيام" سيرته الذاتية "طفل القرية" في تماهٍ يزفه إلى مكانة طه حسين الإعجاب وربما بعض من الغيرة الإيجابية التي ما لبثت أن تعرت على الملأ بانقلابه على طه حسين ونقده بلا أدب. ولمن يرغب مراجعة تاريخ سيد قطب قبل التحول الكبير في فكره وحياته يمكن أن يجد تراثا ثريا مترعا بالجمال¡ ولا يخلو من إعجاب غير خفي بكتاب الأدب المكشوف وتفضيل إيحاءاتهم الجنسية على خطب "الوعاظ الثقلاء" حسب قوله.
عُرف عن سيد قطب منذ سنة 1946 "كراهيته للغرب كله¡ واحتقاره لأميركا واحتقاره للمصريين الذين لا يشاركونه هذه المشاعر" كما كتب الدكتور حلمي النمنم. ولكنه في سنة 1948 تلقى بالموافقة بعثة من السفارة الأميركية تحت بند "مهمة ميدانية" مفتوحة البداية والنهاية. يا ترى ما الذي حوّله من الأديب الناقد إلى المنظّر الأول للعنف في العصر الحديث¿ كان يفترض أن تروض أميركا بأحلامها الرومانسية¡ وحضارتها الناعمة تلك الروح المندفعة في جوفه ليكون أكثر عقلانية وانفتاحا¿ هنا نقطة مؤامرة أتمنى أن نعاود المرور بها.
أما المثال الثاني فقد كان أسامة بن لادن¡ الذي تحالف مع الأميركيين حوالي عشر سنوات¡ خططوا معا¡ وتلقى منهم السلاح¡ وحددوا له المهام في أفغانستان¡ وتركوه حرا طليقا حتى 11 سبتمبر 2001م ليصبح بعد ذلك مطاردا¡ وقتل لاحقا¡ ودفن في جوف البحر دون خوف من الحوت.. الأسباب التي غيّرت سيد قطب شُنِقت معه¡ وأسرار تحول أسامة بن لادن دفنت معه في أعماق البحر.
العراقي أبو بكر البغدادي مثال آخر¡ حيث كان قبل سجن الأميركيين له واعظا يؤم أهل الحي¡ ويلعب الكرة مع صبيانهم¡ لكنه تخرّج من السجن خليفة معمدا معتمداº أخفته الكرامات عن عشرات الأقمار الصناعية وهو يقف خطيبا في وضح النهار مبايعا نفسه خليفة.. ولا محالة فعندما ينتهي دوره سيواجه مصير ابن لادن ولكن بدون بحر هذه المرة لأن "أوباما" سيكون خارج البيت الأبيض عندما يرمى في غياهب البحر.
منفذ الهجوم على ملهى ليلي في إسطنبول ليلة رأس السنة عثر معه على 197 ألف دولار يعتقد بأنها ثمن المجزرة التي ارتكبها. همس لي شاب إيراني بأن الإرهابي له تاريخ إقامة في إيران¡ وسبق أن سجن فيها وهرب من السجن. نائب رئيس الوزراء التركي قال في تصريحات له: "يبدو أن الهجوم**ليس من صنع تنظيم إرهابي فقط¡ ولكن هناك أيضا وكالة مخابرات¡**كان عملا مخططا له ومنظما على مستوى عال". داعش تبنت الهجوم¡ كالقاعدة في هجمات أميركا الإرهابية. داعش هي الفاعل¡ ولكن من المخطط¡ ولمصلحة من¿
ليس من أضغاث المؤامرة أن أميركا تخاف من إيران ومن حافظ الأسد وسلالته. فهل ستخاف تركيا¿




إضغط هنا لقراءة المزيد... (http://www.alriyadh.com/1564233)