تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مصطفى إدريس..¿



المراسل الإخباري
01-22-2017, 16:04
يقولون إن القطة لا تأكل أبناءها..
ولكني أقول بحزن¡ إن مهنة "صاحبة الجلالة" باتت تتنكر لأبنائها بعد أن تأكلهم.
هل هو الجحود¡ أم الإهمال¡ أم أن ذاكرتنا كإعلاميين أصبحت لا تقترب حتى من حجم ذاكرة نملة.¿
أقول هذا¡ بخجل شديد¡ بعدما قرأت ما نشرته الزميلة "عكاظ" عن الحالة الصحية للزميل والقدير مصطفى إدريس¡ والذي أصبح غير قادر حتى على الجلوس¡ وينتظر التدخل العاجل¡ طبياً وإنسانياً.. وسط تجاهل كبير لقيمة صحفية أثرت العمل الإعلامي السعودي على مدار عقود.
مؤسف أن مصطفى إدريس الذي أصبح رهين المحبسين (المرض والنكران) بات يتسوّل من ينتشله من محنته القاسية¡ وتحول من نائب لرئيس التحرير¡ إلى مجرد خبر طارئ ينتظر الشفقة أو العطف¡ وهو الذي التزم منزله في إباء مكتفياً بدعوات الأقربين النادرين جداً من الزملاء أو التلاميذ الذين اقتربوا منه¡ وتعلموا على يديه العديد من فنون العمل الصحفي.. ورغم ذلك فإن هناك كثيرين بعد أن شبَّت قامتهم¡ لم يذكروا حتى اسمه.!
منذ بدايات 2001¡ تشرفت بأن يكون الرائع مصطفى إدريس¡ ضمن فريق العمل المهمين¡ بجريدة (اليوم) عندما كنت رئيس تحريرها¡ وجدت أنني أمام عقلية مهنية فذَّة¡ كفاءة وطنية غير عادية¡ بدا ذاك الصامت أغلب الأحيان متمرّداً وشغوفاً بالخروج عن المألوف في دهاليز مهنتنا الشاقة¡ كان مهموماً دوماً وكأنه يستعذب أسطورة سيزيف في الأسطورة القديمة¡ ابتسامته الخجولة تأتي على استحياء ربما اعتذاراً ضمنياً عما لم يفعل¡ صوته الخفيض كان إشارة مبهمة أو رسالة تحاول الابتعاد عن الضجيج¡ شاركنا في مرحلة مهمة قدم فيها إبداعاً لا يُنكر¡ ولكنه كان يبدو ذلك "الجدَّاوي" الملتصق بجدة¡ بشوارعها وحواريها وأزقتها¡ ولا يستطيع أن يتنفس خارجها¡ بدا كأنه كالسمكة التي لا تستطيع مغادرة بحر جدة¡ مع أن شواطىء الشرقية ربما أكثر هدوءاً واتساعاً.
هذا المدهش حدَّ الصدمة¡ لم يلبث أن غادر¡ مفضلاً العودة من حيث أتى.. إلى جدة¡ إلى بيته في الزميلة "عكاظ"¡ حيث كان عنوان مقالته "منفى" تلخيصاً لا إرادياً لما كان في وجدانه¡ أو لما يكون بعدها¡ حيث كان المرض اللعين عصا خبيثة في دولاب مصطفى إدريس¡ وبالتالي كانت المعاناة التي تعبّر عن مأساة مزمنة في وسطنا الصحفي المجنون.
صعب للغاية¡ أن أكتب عن زميل¡ وقاسٍ للغاية أن تكون حياته بهذا الشكل الذي يفتقد أبجديات التواصل الإنساني¡ وهذا التنكر المؤلم وسط تجاهل الجميع.. والأمل بعد الله في قيادتنا الرشيدة وصاحب السمو الملكي أمير منطقة مكة المكرمة¡ لتخفيف معاناة مصطفى¡ وتعوضه قليلاً عن جحود الزملاء وتنكر الأصدقاء وعقوقهم.!




إضغط هنا لقراءة المزيد... (http://www.alriyadh.com/1564718)