المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرياض.. تغني



المراسل الإخباري
02-01-2017, 05:16
الإنسان السوي¡ هو الذي يميل للفرح¡ للحب والحياة.. يقاتل من أجل أن يعيش التفاصيل الطبيعية¡ ويكون جزءا من تكوينه الذي يشبهه¡ ألا يقبل بأن يكون مشوها¡ بفعل آخرين يريدون له أن يكون آخر¡ بالتغييب تارة¡ وبالتحذير والتخويف تارات¡ وبالتهديد أكثر.
لم يكن الخميس الماضي عاديا في الرياض¡ كانت المدينة عروسا تغني¡ تصرخ في وجه الظلام¡ وتستعيد حصتها من الحياة. تتمايل طربا مع الناس¡ وتقول أنها تشبه المدن¡ كل المدن¡ تزرع الجمال في قلوب البشر¡ وتصدح بالموسيقىº التي جعلت من الستيني¡ ذي اللحية البيضاء¡ يرقص حد الانتشاء¡ فرحا باللحظة¡ وثأرا من عقود سلبت من عمره¡ غير مبالٍ بالعدسات التي تحلقته¡ قائلا برقصاته: من حقي أن أغني وأرقص في بلدي!
بدأت الحفلة¡ أو "نغمات ثقافية"¡ أو مهما كانت التسمية¡ وغنى الفنانون¡ وتحدث الملحنون¡ وتراقص الحضور¡ ولم يحدث ما كانوا يحذرونا منه¡ ولم يتغير سياق العيش¡ إلا أنه ازداد جمالا وأملا¡ كان الجميع مبتهجين¡ والأماكن ممتلئة تماما. الكل يبحث عن لحظة جميلة¡ بعفوية الإنسان¡ الإنسان الطبيعي¡ الذي لم يحضر من النمسا¡ أو بولندا¡ أو من كوكب زحل¡ بل جاء من الرياض¡ الصامتة طويلا¡ بعدما تحدثوا باسمه كثيرا¡ وقالوا إنه يرفض¡ ولا يقبل¡ ولا يريد¡ وسموه مجازا: المجتمع.
فعلوا قبلاً¡ ومع الحفلات الغنائية¡ ولا زالوا يفعلون¡ وسيواصلون¡ مع السينما وقيادة المرأة وغيرها.. يقاتلون من أجل أن يثبتوا أننا مجتمع غير سوي¡ غير قادر على العيش¡ وفق مفهوم القانون والنظام¡ يحاولون قولبتنا داخل نموذج المجتمع الهائج والمتهور والمنحل¡ ومرة بعد مرة تسقط مزاعمهم¡ يحرجون ولا يتوقفون¡ ولكن الزمن أسرع منهم¡ ومما يصفون¡ يدون زيفهم¡ ويثبت عكسه¡ ويتجاوزهم¡ ويمضي بدونهم.
بالتأكيد¡ سيكتب المؤرخون الأسبقية لـ"مركز الملك فهد الثقافي"¡ والعاملين فيه¡ وسيكتب جرأتهم في كسر صمت الأيام¡ ومجابهة حاملي الفزاعات¡ وفتح الموسيقى في وجه الخوف والارتباك. لا أعتقد أن التاريخ سينسى أن الدكتور عادل الطريفي¡ وزير الثقافة والإعلام¡ دعم الثقافة بشكل حقيقي¡ ومنحها المظلة التنظيمية التي تحتاج¡ ولم تكن مجرد شعارات.. ما زال الحلم كبيرا¡ لكن ملامحه مبشرة.
أول الطريق نغمة¡ ينتظرنا - أو ننتظر - ألحانا من اللحظات¡ تعود فيها الرياض كما كانت موسيقى مبهجة¡ وعدواها ستنتقل لكل المدن¡ وأن تكون الأغنية التي تشعل الجمال في كل القلوب! والسلام.




إضغط هنا لقراءة المزيد... (http://www.alriyadh.com/1567358)