المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحاجة إلى صحوة المعاملات



المراسل الإخباري
02-09-2017, 18:55
إذا أردنا أن نصلح الثقافة¡ ومفهوم التدين والعودة إلى القيم النبيلة في الدين¡ وحسن التعامل مع الآخر¡ والرقي بالصحة والتعليم والفنون ورسالتها السامية المؤثرة¡ والعيش بسلام داخل أوطاننا ومع غيرنا وتجفيف مصادر الإرهاب¡ فعلى المملكة أن تقود صحوة جديدة تركز على القيم والمعاملات والتسامح وأدب الحوار..
تعرضت المملكة في ستينيات القرن الماضي إلى هجوم إعلامي ظالم¡ ودسائس ومؤامرات من أنظمة عربية رفعت شعار القومية العربية¡ وتحت شعار تحقيق الوحدة بين مختلف أقطار العالم العربي¡ وتحرير فلسطين¡ وفي الوقت الذي كانت المملكة تسير على الطريق الصحيح¡ وترسل أبناءها إلى أفضل جامعات العالم¡ وتفتتح أفضل المدارس¡ كانت تلك القوى تتهمها بالرجعية والتخلف¡ وامتد نفوذ القوميين العرب إلى اليمن¡ ودعموا متمردي ظفار ضد عمان¡ مما اضطر الملك فيصل رحمه الله إلى المناداة بالوحدة الإسلامية لمواجهة القومية¡ ورحبت المملكة بآلاف الوافدين من العرب المنتمين إلى حركات دينية سياسية من الذين ضاقت بهم سجون تلك الدول¡ كانت القيادة السياسية في المملكة مضطرة لهذا الإجراء¡ لمواجهة الهجوم الكاسح الذي تقوده مؤسسات إعلامية وعسكرية قلبت الحقائق¡ وشوهت مسيرة المملكة الحضارية¡ وقد تبوأ عدد من القادة الحركيين الوافدين إلى المملكة مناصب في التعليم العام¡ والجامعات والمعاهد العلمية¡ ومنها معهد إمام الدعوة¡ والمعهد العلمي في الرياض¡ وكليتا اللغة العربية والشريعة¡ وتتلمذ بعض ألمع أبناء المملكة على يد هؤلاء الوافدين¡ فكان ذلك بداية التغيير الجذري في مناهج التعليم ومحتواها¡ حيث تعاون فكر محلي متشدد مع فكر حركي وافد¡ لينتج ما سمي بالصحوة التي ركزت على العبادات¡ وأهملت المعاملات¡ واكتسحت الساحة المحلية والعربية والإسلامية مستفيدة من الدعم الكبير الذي أعطي لها من المملكة عن حسن نية¡ وقد كان من نتائجها حركة جهيمان¡ وتوجه آلاف الشباب المتحمس إلى ساحات القتال في أفغانستان¡ والتي خرج من عباءتها الإرهاب الذي تقوده القاعدة¡ وقد كانت المملكة من أوائل الدول التي اكتوت بناره.
لقد ثبت من تجربة الماضي¡ حقيقة أن المملكة هي القائد والمؤثر في العالمين العربي والإسلامي¡ وليست أي دولة عربية أو إسلامية أخرى¡ وهذا يعني أيضا أننا إذا أردنا أن نصلح الثقافة¡ ومفهوم التدين والعودة إلى القيم النبيلة في الدين¡ وحسن التعامل مع الآخر¡ والرقي بالصحة والتعليم والفنون ورسالتها السامية المؤثرة¡ والعيش بسلام داخل أوطاننا ومع غيرنا وتجفيف مصادر الإرهاب¡ فعلى المملكة أن تقود صحوة جديدة تركز على القيم والمعاملات والتسامح وأدب الحوار¡ وأن تضع يدها مع المراجع الإسلامية في الدول العربية والإسلامية التي تنشد الاعتدال والوسطية¡ وعلينا أن نبدأ بالخطوات الآتية:
أولاً: تغيير المجتمع يبدأ بإرادة سياسية تعطي الضوء الأخضر للتغيير¡ وتختار القادة المناسبين لإحداث التغيير¡ وتهيئ الفرص لنجاحه بدعمه مادياً ومعنوياً حتى يتجاوز الصعاب¡ والمملكة اليوم وهي على أعتاب تحول اقتصادي واجتماعي كبير بحاجة إلى ترسيخ ثقافة تُعلي قيم العمل والحب والتسامح وتجفيف منابع الطائفية والغلو وتكفير الآخر¡ وهذا ما يقطع الطريق¡ ويفوت الفرصة على رعاة الإرهاب في المنطقة وفي كل دول العالم.
ثانياً: التعليم هو الأداة لتغيير ثقافة المجتمع¡ فهو الذي نفذ رغبة القيادة السياسية في ستينيات القرن الماضي¡ وهو وحده القادر على إحداث التغيير المطلوب لهذه المرحلة. المناهج الدراسية بحاجة إلى تغييرات جذرية تبتعد عن فرض الرأي الفقهي الواحد مع العناية بتنمية التفكير الناقد والتحليل المنهجي¡ وتنقيح المناهج مما يمكن أن يستغل من قبل المنهج الخفي من بعض المعلمين والمعلمات¡ والتركيز على المعاملات التي تبرز أخلاق المسلم¡ وتقدم الدين الإسلامي للآخر بالقدوة وليس بالوعظ والتنظير¡ إصلاح التعليم يبدأ بمراجعة وثيقة سياسة التعليم¡ ثم الاهتمام بشكل خاص بالمعلم¡ وحسن اختيار قائد المدرسة¡ مع التركيز على زرع قيم التسامح والمحبة وحب العمل وإتقانه والأمانة والاستقامة¡ وغير ذلك من القيم التي تزيدنا قوة وترتقي بالمملكة إلى مصاف الدول المتقدمة.
إصلاح التعليم يجب أن يتوافق مع التحول والرؤية¡ فلا يوجد اقتصاد قوي إلا بمواطن قوي¡ سواء أكان ذلك المواطن رجلاً أو امرأة¡ إن من ينظر إلى الدول التي ودعت العالم النامي إلى العالم المتقدم بدأت بحسن اختيار القادة الذين يتمتعون بالشجاعة والنزاهة¡ وإصلاح التعليم في كل مراحله ومنها التعليم العالي.
إصلاح التعليم سينعكس على كل نواحي الحياة في المملكة وسيحارب الجهل والفقر والمرض والعادات السيئة من تدخين ومخدرات وسيكون خير سلاح لمواجهة تحديات المستقبل بكل ما يحمل من مفاجآت.




إضغط هنا لقراءة المزيد... (http://www.alriyadh.com/1569257)