تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لطيفة قاري تصوير الكوامن



المراسل الإخباري
03-06-2017, 11:39
الفن الشّعري يتجسد في تلقيه الإلهام ومن ثم المبادرة اللاإرادية على تصوير الحالة المتغلغلة في أعماق الشاعر بالكلمات التي تمثل في إتقانها لوحة مجسمة بحروف يتمكن المتلقي من لمسها بمشاعره عندما تَنْقُلُ عيناه ما هو مكتوب¡ فتمور في داخله حركة تفاعلية لا مرئية إلاَّ عند سواه ممن يحس معنى الشعر بالتذوق المتأتي تبعاً للعواطف الإنسانية المتأثرة بما يدور حواليها من الأحداث المتعلقة بالحياة الإنسانية في حالات مختلفة مستمدة من النظرة إلى الذات وكيفية تعاملها مع الآخر (القريب/ البعيد) المشارك في مهمات ومتطلبات الحياة اللازمة له في كل مكان من المعمورة.
الشاعرة لطيفة قاري¡ شاعرة حفرت لها مكاناً متميزاً في ذاكرة المتلقين بنصوص تحمل خاصيتها الشعرية في لغتها وإيقاعها وموضوعها¡ فكَوَّنت لنفسها هذا المكان المرموق في الساحة الثقافية العامة في الداخل والخارج¡ مما مكن مجموعاتها الشعرية (= دواوين) أن تلفت نظر المتذوقين¡ وكذلك الباحثين عن الشعر الحقيقي¡ حيث فرضت نفسها ولقيت أعمالها التقدير ممن يعون ويدركون معنى الشعر وما له وما عليه¡ ففي ديوانها المزدوج الصادر تحت عنوان (تكابد لياليها¡ والأسماء لا تكفي لعصفورين) تستدعي التمثل بعبارات سطرتها الناقدة خالدة سعيد عن (الشاعر/ة القادر/ة) عن تجسيم الصورة المتكئة على أرضية وطنية تحتمها المشاركة الوجدانية لغةً ومشاعراً: "اللغة تتهادى وتنساب بيسر. وعلى الرغم من قابلية الموضوع للحميِّة الوطنية¡ فلا ظل هنا للخطابية¡ وأصداء الفخر وما يستدعيه من القيم التقليدية والأوصاف الجاهزة"¡ لكون ما يتراءى¡ ويستشف يمثل الجدول الرقراق المنساب في هدوء مُشكِّلاً في تعرجاته وخريره لوحة تُقْرأ وتُلْمَسُ بالعين التي سبقتها المشاعر والأحاسيس التي تفرضها الجمالية لدى المتلقي:
"أنا ما قرأت كتاباً عن الحب
أرقني مثل ما تفعل الآن
ما ذقت ليلاً كهذا
الثريا تموء
وصمتي يئن
وذكرى تؤوب
وليل كهذا
يذوب... ويقتل"
لغة التخطي والتجاوز (في المَجَاز) هي الشِّعر المسْتمدة جذورها من العمق النَّفْسي¡ فهو مشاعر تُقَوْلَبُ في مربَّعات ودوائر مُكَوَّنَة من الحروف والكلمات التي أتقنتها الشاعرة الفنانة.
وفي نقلة أخرى:
"ظلال مسهدة
ظل حادي المها عن غواياته
عن غواياتها
ولما اشرأبت تساءل
من الذي مزج الأمنيات
فلم تمتزج
واستردت أمانيه أسرارها"
شعر لطيفة أشبه بالنحت¡ والرسم¡ والكولاج¡ إذ هو فن قائم بذاته¡ تَكَوَّنَ من أساسيات علمية/ لغوية¡ حيث إن محفظة الشاعرة مليئة بالجديد المنتقى من المحصول المعرفي (الثقافة) التي تمكِّنها من القول المؤثر المقبول بشغف¡ في مقدرة على تصوير الرؤى والكوامن في الذات.




إضغط هنا لقراءة المزيد... (http://www.alriyadh.com/1575255)